قَالَ الإِمَام حجَّة الْإِسْلَام أَبُو حَامِد رَضِي الله عَنهُ بعد مَا ذكر مَا فِي عجائب خلق الله فِي الأَرْض وَالسَّمَاوَات وبدائع فطْرَة الْحَيَوَان والنبات وَغير ذَلِك مِمَّا اشْتَمَل عَلَيْهِ الصنع المتقن العجيب وَالتَّرْتِيب الْمُحكم الْغَرِيب فَإِذا فِي فطْرَة الْإِنْسَان وشواهد الْقُرْآن مَا يُغني عَن إِقَامَة الْبُرْهَان وَلَكنَّا على سَبِيل الِاسْتِظْهَار والاقتداء بالعلماء النظار نقُول من بديهة الْعُقُول أَن الْحَادِث لَا يَسْتَغْنِي فِي حُدُوثه عَن سَبَب يحدثه والعالم حَادث فَإِذا لَا يَسْتَغْنِي فِي حُدُوثه عَن سَبَب
ثمَّ تكلم فِي ذَلِك السَّبَب لما يطول ذكره من المباحث الْعَقْلِيَّة مِمَّا سَيَأْتِي ذكره إِن شَاءَ الله تَعَالَى فِي الأَصْل الرَّابِع من شرح الْبَيْت الأول من قصيدتي الْمَنْظُومَة فِي عقيدة أهل السّنة
ثمَّ قَالَ فِي آخر ذَلِك فَيحصل أَن الْعَالم لَا يَخْلُو عَن الْحَوَادِث فَهُوَ إِذا حَادث وَإِذا ثَبت حُدُوثه كَانَ افتقاره إِلَى الْمُحدث من المدركات بِالضَّرُورَةِ
وَقَالَ غَيره من أَئِمَّتنَا أَيْضا فِي الْبُرْهَان على وجود وَاجِب الْوُجُود سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لَا شكّ فِي وجود حَادث وكل حَادث مُمكن وَإِلَّا لم يكن مَوْجُودا تَارَة ومعدوما أُخْرَى وكل مُمكن فَلهُ سَبَب وَذَلِكَ لَا بُد وَأَن يكون وَاجِبا أَو منتهيا إِلَيْهِ لِاسْتِحَالَة الدّور والتسلسل
وَقلت وأخصر من هَذَا أَن نقُول الْعَالم متغير وكل متغير حَادث فالعالم حَادث وكل حَادث لَا بُد من مُحدث وَإِلَّا لزم إِيجَاد الشَّيْء نَفسه أَو الدّور والتسلسل وَالْكل محَال وَتَقْرِير ذَلِك يَأْتِي إِن شَاءَ الله فِي شرح الْبَيْت الأول
وَأما قَول الْمُعْتَزلَة إِن الْمعرفَة وَاجِبَة بِالْعقلِ فَمَمْنُوع لوجوه أقتصر مِنْهَا هُنَا على ذكر ثَلَاثَة