5897 - وَعَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (أَلَا تُرِيحُنِي مِنْ ذِي الْخَلَصَةِ؟) فَقُلْتُ: بَلَى، وَكُنْتُ لَا أَثْبُتُ عَلَى الْخَيْلِ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَضَرَبَ يَدَهُ عَلَى صَدْرِي حَتَّى رَأَيْتُ أَثَرَ يَدِهِ فِي صَدْرِي، وَقَالَ: (اللَّهُمَّ ثَبِّتْهُ وَاجْعَلْهُ هَادِيًا مَهْدِيًّا) . قَالَ: فَمَا وَقَعْتُ عَنْ فَرَسِي بَعْدُ، فَانْطَلَقَ فِي مِائَةٍ وَخَمْسِينَ فَارِسًا مِنْ أَحْمَسَ فَحَرَّقَهَا بِالنَّارِ وَكَسَرَهَا» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
5897 - (وَعَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ) أَيِ: الْبَجَلِيِّ (قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَلَا تُرِيحُنِي) : مِنَ الْإِرَاحَةِ وَهِيَ إِعْطَاءُ الرَّاحَةِ أَيْ: أَلَا تُخَلِّصُنِي (مِنْ ذِي الْخَلَصَةِ) ؟ بِفَتْحَتَيْنِ، وَهُوَ بَيْتٌ كَانَ لَخَثْعَمَ يُدْعَى كَعْبَةَ الْيَمَامَةِ، وَالْخَلَصَةُ: اسْمُ طَاغِيَتِهِمُ الَّتِي كَانَتْ فِيهِ. قَالَ الْأَشْرَفُ: فِيهِ إِيمَاءٌ إِلَى أَنَّ النُّفُوسَ الزَّكِيَّةَ الْكَامِلَةَ الْمُكَمَّلَةَ قَدْ يَلْحَقُهَا الْعَنَاءُ مِمَّا هُوَ عَلَى خِلَافِ مَا يَنْبَغِي مِنْ عِبَادَةِ غَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى، وَغَيْرِهَا مِمَّا لَا يَجُوزُ وَلَا يَنْبَغِي. (فَقُلْتُ: بَلَى، وَكُنْتُ لَا أَثْبُتُ) : بِضَمِّ الْبَاءِ (عَلَى الْخَيْلِ) ، أَيْ: كُنْتُ أَقَعُ عَنْهَا أَحْيَانًا (فَذَكَرْتُ ذَلِكَ) أَيْ: عَدَمَ الثُّبُوتِ (لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى صَدْرِي حَتَّى رَأَيْتُ) أَيْ: عَلِمْتُ (أَثَرَ يَدِهِ) أَيْ: تَأْثِيرَهَا لِقُوَّةِ ضَرْبِهَا (فِي صَدْرِي وَقَالَ: اللَّهُمَّ ثَبِّتْهُ) أَيْ: ظَاهِرًا وَبَاطِنًا (وَاجْعَلْهُ هَادِيًا) أَيْ: لِغَيْرِهِ (مَهْدِيًّا) : بِفَتْحِ الْمِيمِ وَتَشْدِيدِ التَّحْتِيَّةِ أَيْ: مُهْتَدِيًا فِي نَفْسِهِ لَا يَزِيغُ عَنْ هَدْيِهِ (قَالَ: فَمَا وَقَعْتُ) أَيْ: سَقَطْتُ (عَنْ فَرَسِي بَعْدُ) ، أَيْ بَعْدَ ذَلِكَ الدُّعَاءِ، أَوْ بَعْدَ ذَلِكَ الْيَوْمِ (فَانْطَلَقَ) : قَالَ الطِّيبِيُّ: هُوَ مِنْ كَلَامِ الرَّاوِي، وَقِيلَ: هُوَ مِنْ كَلَامِ جَرِيرٍ، فَفِيهِ الْتِفَاتٌ، وَالْمَعْنَى فَذَهَبَ جَرِيرٌ (فِي مِائَةٍ) أَيْ: مَعَ مِائَةٍ (وَخَمْسِينَ فَارِسًا مِنْ أَحْمَسَ) أَيْ: مِنْ قَوْمِ قُرَيْشٍ، وَالْأَحْمَسُ الشُّجَاعُ، فَفِي النِّهَايَةِ: هُمْ قُرَيْشٌ وَمَنْ وَلَدَتْ قُرَيْشٌ وَكِنَانَةُ وَجَدِيلَةُ قَيْسٍ، سُمُّوا حَمْسًا لِأَنَّهُمْ تَحَمَّسُوا فِي دِينِهِمْ أَيْ: تَشَدَّدُوا وَالْحَمَاسَةُ الشَّجَاعَةُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُمْ كَانُوا مُتَصَلِّبِينَ فِي الدِّينِ وَالْقِتَالِ، فَلَا يَسْتَظِلُّونَ أَيَّامَ مِنًى، وَلَا يَدْخُلُونَ الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا وَأَمْثَالُ ذَلِكَ. (فَحَرَّقَهَا بِالنَّارِ) : بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ أَيْ: أَحْرَقَ جَرِيرٌ الْخَلَصَةَ (وَكَسَرَهَا) أَيْ: وَأَبْطَلَهَا. (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .