4526 - وَعَنْ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «رَخَّصَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الرُّقْيَةِ مِنَ الْعَيْنِ وَالْحُمَّةِ وَالنَّمْلَةِ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
4526 - (وَعَنْ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: رَخَّصَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الرُّقْيَةِ) : بِضَمٍّ فَسُكُونٍ. قَالَ التُّورِبِشْتِيُّ: الرُّخْصَةُ إِنَّمَا تَكُونُ بَعْدَ النَّهْيِ، وَكَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ نَهَى عَنِ الرُّقَى لِمَا عَسَى أَنْ يَكُونَ فِيهَا مِنَ الْأَلْفَاظِ الْجَاهِلِيَّةِ، فَانْتَهَى النَّاسُ عَنِ الرُّقَى، فَرَخَّصَ لَهُمْ فِيهَا إِذَا عَرِيَتْ عَنِ الْأَلْفَاظِ الْجَاهِلِيَّةِ. قُلْتُ: وَسَيَجِيءُ هَذَا الْمَعْنَى قَرِيبًا فِي حَدِيثِ جَابِرٍ وَعَوْفِ بْنِ مَالِكٍ. (مِنَ الْعَيْنِ) : أَيْ مِنْ أَجْلِ إِصَابَةِ عَيْنِ الْجِنِّ أَوِ الْإِنْسِ، وَالْمُرَادُ بِالرُّقْيَةِ هُنَا مَا يُقْرَأُ مِنَ الدُّعَاءِ وَآيَاتِ الْقُرْآنِ لِطَلَبِ الشِّفَاءِ مِنْهَا: مَا وَرَدَ مِنْ حَدِيثِ مُسْلِمٍ وَالتِّرْمِذِيِّ وَالنَّسَائِيِّ وَابْنِ مَاجَهْ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ مَرْفُوعًا " «بِسْمِ اللَّهِ أَرْقِيكَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ يُؤْذِيكَ، وَمِنْ شَرِّ كُلِّ نَفْسٍ أَوْ عَيْنِ حَاسِدٍ اللَّهُ يَشْفِيكَ بِسْمِ اللَّهِ أَرْقِيكَ» " وَفِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ عَنْ عَائِشَةَ: «بِسْمِ اللَّهِ أَرْقِيكَ مِنْ كُلِّ دَاءٍ يُشْفِيكَ مِنْ شَرِّ كُلِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ، وَمِنْ شَرِّ كُلِّ عَيْنٍ» . وَفِي رِوَايَةٍ لِلنَّسَائِيِّ وَابْنِ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «جَاءَنِي النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَعُودُنِي فَقَالَ: " أَلَا أَرْقِيَكَ بِرُقْيَةٍ رَقَانِي بِهَا جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ؟ فَقُلْتُ: بَلَى بِأَبِي وَأُمِّي. فَقَالَ: " بِسْمِ اللَّهِ أَرْقِيكَ وَاللَّهُ يُشْفِيكَ مِنْ كُلِّ دَاءٍ فِيكَ مِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ» . وَفِي رِوَايَةٍ لِابْنِ مَاجَهْ وَالْحَاكِمِ: ثَلَاثُ مَرَّاتٍ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ بِقَوْلِهِ: مِنَ الْعَيْنِ مِنْ أَجْلِ وَجَعِهَا وَرَمَدِهَا لِمَا رَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَالْحَاكِمُ وَالطَّبَرَانِيُّ عَنْ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ مَرْفُوعًا " «مَنْ أُصِيبَ بِعَيْنٍ رُقِيَ بِقَوْلِهِ بِسْمِ اللَّهِ، اللَّهُمَّ أَذْهِبْ حَرَّهَا وَبَرْدَهَا وَوَصَبَهَا ". ثُمَّ قَالَ: " قُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ» ".
(وَالْحُمَةُ) : أَيْ: وَمِنَ الْحُمَةِ وَهُوَ عَلَى مَا فِي النِّهَايَةِ بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَتَخْفِيفِ الْمِيمِ السُّمُّ وَقَدْ يُشَدَّدُ، وَأَنْكَرَهُ الْأَصْمَعِيُّ، وَيُطْلَقُ عَلَى إِبْرَةِ الْعَقْرَبِ لِلْمُجَاوَرَةِ، لِأَنَّ السُّمَّ مِنْهَا يَخْرُجُ وَأَصْلُهَا حُمَّى أَوَحَمْوٌ بِوَزْنِ صَرْدٍ، وَالْهَاءُ فِيهِ عِوَضٌ مِنَ الْوَاوِ أَوِ الْيَاءِ الْمَحْذُوفَةِ. وَفِي الْأَوْسَطِ لِلطَّبَرَانِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ: «عَرَضْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رُقْيَةً مِنَ الْحُمَةِ فَأَذِنَ لَنَا. وَقَالَ: إِنَّمَا هِيَ مِنْ مَوَاثِيقِ الْجِنِّ بِسْمِ اللَّهِ شَجَّةٌ قَرْنِيَّةٌ مُلْحَةُ بَحْرِ قَفْطَا» ، أَمَّا أَلْفَاظُهَا فَكَمَا ضَبَطْنَاهُ بِالْقَلَمِ عَلَى مَا سَمِعْنَا مِنْ أَفْوَاهِ الْمَشَايِخِ وَرَأَيْنَاهُ بِخُطُوطِهِمْ، وَأَمَّا مَعَانِيهَا فَلَا تُعْرَفُ صَرَّحَ بِهِ الْعُلَمَاءُ، لَكِنَّهَا لَمَّا كَانَتْ مَعْرُوضَةً لَدَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَازَ أَنْ يُرْقَى بِهَا.
(وَالنَّمْلَةُ) : أَيْ: وَمِنَ النَّمْلَةِ وَهِيَ بِفَتْحِ النُّونِ وَسُكُونِ الْمِيمِ عَلَى مَا فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ، وَهِيَ قُرُوحٌ تَخْرُجُ بِالْجَنْبِ وَغَيْرِهِ ذَكَرَهُ فِي النِّهَايَةِ. وَقَالَ فِي الْفَائِقِ: وَكَأَنَّهَا سُمِّيَتْ نَمْلَةٌ لِتَغَشِّيهَا وَانْتِشَارِهَا شَبَّهَ ذَلِكَ بِالنَّمْلَةِ وَدَبِيبِهَا. وَقَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ: هِيَ بُثُورٌ صِغَارٌ مَعَ وَرَمٍ يَسِيرٍ، ثُمَّ تَتَقَرَّحُ فَتُشْفَى وَتَتَّسِعُ، وَيُسَمِّيهَا الْأَطِبَّاءُ الذُّبَابَ، وَيُقَالُ لَهَا بِالْفَارِسِيَّةِ نَارُ فَارِسِيِّ، وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «كَانَ يُدَاوِي مَنْ بِهِ قُرْحَةٌ أَوْ جُرْحٌ بِأَنْ يَضَعَ أُصْبُعَهُ السَّبَّابَةُ بِالْأَرْضِ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا قَائِلًا " بِاسْمِ اللَّهِ هَذِهِ تُرْبَةُ أَرْضِنَا بِرِيقَةِ بَعْضِنَا يُشْفَى سَقِيمُنَا بِإِذْنِ رَبِّنَا» "، وَالتَّقْدِيرُ أَتَبَرَّكُ بِاسْمِ اللَّهِ هَذِهِ تُرْبَةُ أَرْضِنَا مَعْجُونَةٌ بِرَيْقَةِ بَعْضِنَا، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يَتْفِلُ عِنْدَ الرُّقْيَةِ. قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى جَوَازِ الرُّقَى مِنْ كُلِّ الْآلَامِ، وَأَنَّ ذَلِكَ كَانَ أَمْرًا فَاشِيًّا مَعْلُومًا بَيْنَهُمْ. قَالَ: وَوَضْعُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَبَّابَتَهُ بِالْأَرْضِ وَوَضْعُهَا عَلَيْهِ يَدُلُّ عَلَى اسْتِحْبَابِ ذَلِكَ عِنْدَ الرُّقَى اهـ.