4461 - وَعَنِ ابْنِ الْحَنْظَلِيَّةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «نِعْمَ الرَّجُلُ خُرَيْمٌ الْأَسْدِيُّ، لَوْلَا طُولُ جُمَّتِهِ، وَإِسْبَالُ إِزَارِهِ. فَبَلَغَ ذَلِكَ خُرَيْمًا، فَأَخَذَ شَفْرَةً، فَقَطَعَ بِهَا جُمَّتَهُ إِلَى أُذُنَيْهِ، وَرَفَعَ إِزَارَهُ إِلَى أَنْصَافِ سَاقَيْهِ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.

ـــــــــــــــــــــــــــــ

4461 - (وَعَنِ ابْنِ الْحَنْظَلِيَّةِ) : قَالَ الْمُؤَلِّفُ: هُوَ سَهْلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَنْظَلِيَّةِ، وَهِيَ أُمُّ جَدِّهِ، وَقِيلَ أُمُّهُ وَبِهَا يُعْرَفُ، وَإِلَيْهَا يُنْسَبُ وَاسْمُ أَبِيهِ الرَّبِيعُ بْنُ عَمْرٍو، وَكَانَ سَهْلُ مِمَّنْ بَايَعَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ وَكَانَ فَاضِلًا مُعْتَزِلًا عَنِ النَّاسِ كَثِيرَ الصَّلَاةِ وَالذِّكْرِ، وَكَانَ عَقِيمًا لَا يُولَدُ لَهُ، سَكَنَ الشَّامَ وَمَاتَ بِدِمَشْقَ فِي أَوَّلِ أَيَّامِ مُعَاوِيَةَ. (رَجُلٍ) : بِالْجَرِّ عَلَى الْبَدَلِ مِنِ (ابْنِ) ، وَيَجُوزُ ذَلِكَ لِكَوْنِهِ مَوْصُوفًا لِقَوْلِهِ: (مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) : وَنُطِيرُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {بِالنَّاصِيَةِ نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ} [العلق: 15] وَفِي نُسْخَةٍ بِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ هُوَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " نِعْمَ الرَّجُلُ خُرَيْمٌ) : بِضَمِّ مُعْجَمَةٍ فَرَاءٍ مَفْتُوحَةٍ مُصَغَّرًا كَذَا فِي الْمُغْنِي، وَالْقَامُوسِ، وَتَحْرِيرِ الْمُشْتَبَهِ لِلْعَسْقَلَانِيِّ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بِالزَّايِ، وَلَعَلَّهُ أُخِذَ مِنْ سِيَاقِ ذِكْرِ الْمُصَنِّفِ إِيَّاهُ بَعْدَ أَسْمَاءِ خُزَيْمَةَ بِالزَّايِ، وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ ; لِأَنَّ أَسْمَاءَ رِجَالِهِ مَا وَقَعَتْ مُرَتَّبَةً، كَمَا يُعْلَمُ مِنْ تَتَبُّعِهَا، وَإِنَّمَا هُوَ رَاعَى أَوَّلَ الْحُرُوفِ مِنَ الْأَسْمَاءِ وَلَا نَظَرَ إِلَى سَائِرِ الْأَشْيَاءِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ ذَكَرَ فِيهَا خُرَيْمَ بْنَ الْأَخْرَمِ بْنِ شَدَّادِ بْنِ عَمْرِو بْنِ فَاتِكٍ، عِدَادُهُ فِي الشَّامِيِّينَ، وَقِيلَ فِي الْكُوفِيِّينَ. رَوَى عَنْهُ جَمَاعَةٌ وَلَمْ يَذْكُرْ هُنَاكَ مَا ذَكَرَهُ هُنَا مِنْ قَوْلِهِ: (الْأَسْدِيُّ) ، وَهُوَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ السِّينِ، فَفِي الْقَامُوسِ: الْأَسْدُ الْأَزْدُ أَبُو حَيٍّ مِنَ الْيَمَنِ، وَهُوَ أَزْدُ بْنُ الْغَوْثِ وَبِالسِّينِ أَفْصَحُ، وَمِنْ أَوْلَادِهِ الْأَنْصَارُ كُلُّهُمْ، وَيُقَالُ أَزْدُ شَنُوءَةَ وَعُمَانَ وَالسَّرَاةِ. (لَوْلَا طُولُ جُمَّتِهِ) ، لَا شَكَّ أَنَّ طُولَ الشَّعْرِ لَيْسَ مَذْمُومًا وَلَا جَاءَ أَمْرٌ بِقَطْعِ مَا زَادَ عَلَى مِقْدَارٍ مَعْلُومٍ مِنْهُ، فَلَعَلَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَأَى هَذَا الرَّجُلَ يَتَبَخْتَرُ بِطُولِ جُمَّتِهِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: (وَإِسْبَالُ إِزَارِهِ) : أَيْ إِطَالَةُ ذَيْلِهِ، قَالُوا: وَفِيهِ جَوَازُ ذِكْرِ الْمُسْلِمِ أَخَاهُ الْغَائِبَ بِمَا فِيهِ مِنْ مَكْرُوهٍ شَرْعًا إِذَا عُلِمَ أَنَّهُ يَرْتَدِعُ عَنْهُ وَيَتْرُكُهُ عِنْدَ سَمَاعِهِ، (فَبَلَغَ ذَلِكَ خُرَيْمًا فَأَخَذَ شَفْرَةً) : بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ أَيْ سِكِّينًا (فَقَطَعَ بِهَا جُمَّتَهُ إِلَى أُذُنَيْهِ) : أَيْ دَفْعًا لِمَا يُورِثُ الْخُيَلَاءَ وَالتَّبَخْتُرَ، وَمِنْ لَطَائِفِ مَا حُكِيَ أَنَّ شَيْخًا كَانَ يَشْتَغِلُ دَائِمًا بِتَحْسِينِ لِحْيَتِهِ، فَأُلْهِمَ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ عَيْبٌ إِلَّا تَعَلُّقُهُ بِذَقْنِهِ، فَبَقِيَ يَنْتِفُ شَعْرَهُ نَدَمًا عَلَى فِعْلِهِ، فَقِيلَ لَهُ: الْآنَ أَيْضًا مُتَعَلِّقٌ بِمَا كُنْتَ مُتَعَلِّقًا بِهِ قَبْلَ هَذَا الزَّمَانِ. قَالَ فِي شَرْحِ السُّنَّةِ: هَذَا أَيْ جَوَازُ قَطْعِ الْجُمَّةِ إِلَى الْأُذُنِ فِي حَقِّ الرِّجَالِ، وَأَمَّا النِّسَاءُ، فَإِنَّهُنَّ يُرْسِلْنَ شُعُورَهُنَّ لَا يَتَّخِذْنَ جُمَّةً. (وَرَفَعَ) : أَيْ خُرَيْمٌ (إِزَارَهُ إِلَى أَنْصَافِ سَاقَيْهِ) : وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ. (رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015