4460 - «وَعَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ: كُنْتُ أَغْتَسِلُ أَنَا وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ، وَكَانَ لَهُ شَعْرٌ فَوْقَ الْجُمَّةِ، وَدُونَ الْوَفْرَةِ» . رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
4460 - (وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كُنْتُ أَغْتَسِلُ أَنَا وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) : بِالرَّفْعِ، وَفِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ بِالنَّصْبِ. قَالَ مِيرَكُ شَاهْ قَوْلُهُ: وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالنَّصْبِ مَفْعُولٌ مَعَهُ، وَبِالرَّفْعِ عَطْفُ جُمْلَةٍ عَلَى جُمْلَةٍ، وَأَبْرَزَ الضَّمِيرَ لِيَصِحَّ الْعَطْفُ أَيْ: أَغْتَسِلُ أَنَا وَيَغْتَسِلُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ عَطْفٌ عَلَى الْمُسْتَتِرِ، وَفِيهِ تَغْلِيبُ الْمُتَكَلِّمِ عَلَى الْغَائِبِ، وَفِيهِ: {اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ} [البقرة: 35] ، تَغْلِيبُ الْمُخَاطَبِ عَلَى الْغَائِبِ. فَإِنْ قُلْتَ: الْفَائِدَةُ فِي تَغْلِيبِ " اسْكُنْ " أَنَّ آدَمَ كَانَ أَصْلًا فِي سُكْنَى الْجَنَّةِ، وَحَوَّاءَ تَابِعَةٌ لَهُ، فَمَا الْفَائِدَةُ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ؟ قُلْنَا: وَكَذَلِكَ هُنَا، فَإِنَّ النِّسَاءَ مَحَلُّ الشَّهَوَاتِ، أَوْ حَامِلَاتٌ لِلْغُسْلِ، فَكَأَنَّهُنَّ أَصْلٌ فِي هَذَا الْبَابِ اهـ. وَتَقَدَّمَ مِثْلُ هَذَا عَنِ الطِّيبِيِّ فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ، أَوْ لِأَنَّ الْأَصْلَ إِخْبَارُ الشَّخْصِ عَنْ نَفْسِهِ، وَلَعَلَّ هَذَا هُوَ الْأَظْهَرُ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمَاءُ مُعَدًّا لِغُسْلِهَا، وَشَارَكَهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَذَا قِيلَ. وَلَكِنْ مَعَ بُعْدِهِ يَأْبَى عَنْهُ قَوْلُهَا: كُنْتُ، فَإِنَّهُ يَدُلُّ عُرْفًا أَوْ لُغَةً عَلَى الدَّوَامِ وَالِاسْتِمْرَارِ، ثُمَّ قَوْلُهَا: (مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ) : مُتَعَلِّقٌ بِأَغْتَسِلُ، وَهُوَ يَحْتَمِلُ أَنْ يَقَعَ الْغُسْلَانِ مُتَعَاقِبَيْنِ، وَمِنَ الْمَعْلُومِ تَقَدُّمُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا هُوَ شَأْنُ الْأَدَبِ، وَيَحْتَمِلُ الْمَعِيَّةَ، وَعَلَى تَقْدِيرِهَا يَحْتَمِلُ التَّسَتُّرَ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ جَمَالِ حَالِهِمَا وَكَمَالِ حَيَائِهِمَا، وَعَلَى تَقْدِيرِ التَّكَشُّفِ يَحْتَمِلُ عَدَمَ النَّظَرِ إِلَى الْعَوْرَةِ، بَلْ هُوَ صَرِيحٌ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: «مَا رَأَيْتُ فَرْجَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا شَكَّ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» - كَانَ أَشَدَّ حَيَاءً مِنْهَا، وَقَدْ جَاءَ أَيْضًا فِي رِوَايَةٍ عَنْهَا: «مَا رَأَيْتُ مِنْهُ وَلَا رَأَى مِنِّي يَعْنِي الْفَرْجَ» ، وَبِهِ انْدَفَعَ مَا نَقَلَهُ مِيرَكُ عَنْ بَعْضِ الْفُضَلَاءِ مِنْ أَنَّ فِي الْحَدِيثِ دَلِيلًا عَلَى جَوَازِ نَظَرِ الرَّجُلِ إِلَى عَوْرَةِ امْرَأَتِهِ وَبِالْعَكْسِ، وَأَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ الِاسْتِدْلَالَ لَا يَصِحُّ مَعَ الِاحْتِمَالِ. قَالَ: وَيُؤَيِّدُهُ مَا رَوَى ابْنُ حِبَّانَ أَنَّ سُلَيْمَانَ بْنَ مُوسَى سُئِلَ عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ يَعْنِي عَنِ الرَّجُلِ يَنْظُرُ إِلَى عَوْرَةِ امْرَأَتِهِ فَقَالَ: سَأَلْتُ عَطَاءً، فَقَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - فَذَكَرَتْ هَذَا الْحَدِيثَ بِمَعْنَاهُ وَهُوَ نَصٌّ فِي الْمَسْأَلَةِ اهـ.
وَفِي كَوْنِهِ نَصًّا مَحَلَّ نَظَرٍ إِذْ عَلَى تَقْدِيرِهِ يُنَاقِضُ مَا سَبَقَ عَنْهَا، فَعَلَى فَرْضِ صِحَّتِهِ يُحْمَلُ عَلَى مَا عَدَا الْفَرْجَ مِنَ الْأَفْخَاذِ وَنَحْوِهَا، فَإِنَّهُ رُبَّمَا يَنْكَشِفُ عِنْدَ الِاغْتِسَالِ، وَبِهِ يَزُولُ الْإِشْكَالُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالْحَالِ. ثُمَّ قِيلَ: فِي