4445 - وَعَنْهُ، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُكْثِرُ دَهْنَ رَأْسِهِ، وَتَسْرِيحَ لِحْيَتِهِ، وَيُكْثِرُ الْقِنَاعَ، كَأَنَّ ثَوْبَهُ ثَوْبُ زَيَّاتٍ» . رَوَاهُ فِي شَرْحِ السُّنَّةِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
4445 - (وَعَنْهُ) : أَيْ عَنْ أَنَسٍ (قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُكْثِرُ) : مِنَ الْإِكْثَارِ (دَهْنَ رَأْسِهِ) : بِفَتْحِ الدَّالِ اسْتِعْمَالُ الدُّهْنِ بِضَمِّهَا (وَتَسْرِيحَ لِحْيَتِهِ) : مَنْصُوبٌ عَطْفًا عَلَى دَهْنَ وَمَنْ جَرَّهُ بِالْعَطْفِ عَلَى رَأْسِهِ فَقَدْ أَخْطَأَ، وَالْمُرَادُ تَمْشِيطُهَا وَإِرْسَالُ شَعْرِهَا، وَحَلُّهَا يُمَشِّطُهَا، وَذَكَرَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي كِتَابِ الْوَفَاءِ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا أَخَذَ مَضْجَعَهُ مِنَ اللَّيْلِ وَضَعَ لَهُ سِوَاكَهُ وَطَهُورَهُ وَمُشْطَهُ، فَإِذَا نَبَّهَهُ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - مِنَ اللَّيْلِ. . الْحَدِيثَ. وَأَخْرَجَ الْخَطِيبُ الْبَغْدَادِيُّ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «خَمْسٌ لَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَدَعُهُنَّ فِي سِفْرٍ وَلَا حَضَرٍ: الْمِرْآةُ وَالْمُكْحُلَةُ وَالْمُشْطُ وَالْمِدْرَى وَالسِّوَاكُ» . وَفِي رِوَايَةٍ: وَقَارُورَةُ دُهْنٍ بَدَلُ الْمِدْرَى، وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «كَانَ لَا يُفَارِقُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سِوَاكُهُ وَمُشْطُهُ، وَكَانَ يَنْظُرُ فِي الْمِرْآةِ إِذَا سَرَّحَ لِحْيَتَهُ» . وَرَوَى الْخَطِيبُ مِنْ طَرِيقِ حُسَيْنِ بْنِ عِلْوَانَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «سَبْعٌ لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَتْرُكُهُنَّ فِي سَفَرٍ وَلَا حَضَرٍ: الْقَارُورَةُ وَالْمُشْطُ وَالْمِرْآةُ وَالْمُكْحُلَةُ وَالسِّوَاكُ وَالْمِقَصُّ وَالْمِدْرَى. قُلْتُ لِهِشَامٍ: الْمِدْرَى مَا بَالُهُ؟ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ لَهُ وَفْرَةٌ إِلَى شَحْمَةِ أُذُنَيْهِ، فَكَانَ يُحَرِّكُهَا بِالْمِدْرَى» ، وَهُوَ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْمُهْمَلَةِ، عُودٌ تُدْخِلُهُ الْمَرْأَةُ فِي رَأْسِهَا لِئَلَّا يَنْضَمَّ بَعْضُ الشُّعُورِ إِلَى بَعْضٍ، وَالْمِقَصُّ بِكَسْرِ الْمِيمِ آلَةُ الْقَصِّ بِمَعْنَى الْقَطْعِ وَهِيَ الْمِقْرَاضُ، هَذَا وَذَكَرَ الْحَافِظُ السُّيُوطِيُّ فِي حَاشِيَةِ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ الشَّيْخُ وَلِيُّ الدِّينِ الْعِرَاقِيُّ فِي حَدِيثِ أَبِي دَاوُدَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَمْتَشِطَ أَحَدُنَا كُلَّ يَوْمٍ هُوَ نَهْيُ تَنْزِيهٍ لَا تَحْرِيمٍ، وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّهُ مِنْ بَابِ التَّرَفُّهِ وَالتَّنَعُّمِ فَيُجْتَنَبُ، وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ» .
قَالَ، فَإِنْ قُلْتَ: رَوَى التِّرْمِذِيُّ فِي الشَّمَائِلِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُكْثِرُ دُهْنَ رَأْسِهِ وَتَسْرِيحَ لِحْيَتِهِ» . قُلْتُ: لَا يَلْزَمُ مِنَ الْإِكْثَارِ التَّسْرِيحُ كُلَّ يَوْمٍ، بَلِ الْإِكْثَارُ قَدْ يَصْدُقُ عَلَى الشَّيْءِ الَّذِي يُفْعَلُ بِحَسْبِ الْحَاجَةِ. فَإِنْ قُلْتَ: نُقِلَ أَنَّهُ كَانَ يُسَرِّحُ لِحْيَتَهُ كُلَّ يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ. قُلْتُ: لَمْ أَقِفْ عَلَى هَذَا بِإِسْنَادٍ، وَلَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَهُ إِلَّا الْغَزَالِيُّ فِي الْإِحْيَاءِ، وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ مِنَ الْأَحَادِيثِ الَّتِي لَا أَصْلَ لَهَا. (وَيُكْثِرُ الْقِنَاعَ) : أَيْ لُبْسَهُ عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ، وَلَعَلَّ هَذَا وَجْهُ إِعَادَةِ الْعَامِلِ وَهُوَ بِكَسْرِ الْقَافِ وَخِفَّةِ النُّونِ وَفِي آخِرِهِ مُهْمَلَةٍ: خِرْقَةٌ تُلْقَى عَلَى الرَّأْسِ تَحْتَ الْعِمَامَةِ بَعْدَ اسْتِعْمَالِ الدُّهْنِ وِقَايَةً لِلْعِمَامَةِ مِنْ أَثَرِ الدُّهْنِ وَاتِّسَاخِهَا بِهِ، شُبِّهَتْ بِقِنَاعِ الْمَرْأَةِ. وَفِي الصِّحَاحِ: هُوَ أَوْسَعُ مِنَ الْمِقْنَعَةِ، وَهُوَ الَّذِي تُلْقِيهِ الْمَرْأَةُ فَوْقَ الْمِقْنَعَةِ. قَالَ الْقَاضِي: يَعْنِي يُكْثِرُ اتِّخَاذَهُ أَوِ اسْتِعْمَالَهُ بَعْدَ الدُّهْنِ.