4354 - وَعَنْ «عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ قَالَ: لَا أَرْكَبُ الْأُرْجُوَانَ، وَلَا أَلْبَسُ الْمُعَصْفَرَ، وَلَا أَلْبَسُ الْقَمِيصَ الْمُكَفَّفَ بِالْحَرِيرِ " وَقَالَ: " أَلَا وَطِيبُ الرِّجَالِ رِيحٌ لَا لَوْنَ لَهُ، وَطِيبُ النِّسَاءِ لَوْنٌ لَا رِيحَ لَهُ» ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
4354 - (وَعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لَا أَرْكَبُ الْأُرْجُوَانَ) : بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَالْجِيمِ بَيْنَهُمَا رَاءٌ سَاكِنَةٌ وِسَادَةٌ صَغِيرَةٌ حَمْرَاءُ تُتَّخَذُ مِنْ حَرِيرٍ تُوضَعُ عَلَى السَّرْجِ، وَالْمَعْنَى لَا أَرْكَبُ دَابَّةً عَلَى سَرْجِهَا الْأُرْجُوَانُ، كَذَا قَالَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ مِنْ عُلَمَائِنَا. وَفِي النِّهَايَةِ هُوَ مُعَرَّبُ أُرْغُوَانَ، وَهُوَ شَجَرٌ لَهُ نُورٌ أَحْمَرُ، وَكُلُّ لَوْنٍ يُشْبِهُهُ فَهُوَ أُرْجُوَانُ. وَقِيلَ: هُوَ الصَّبْغُ الْأَحْمَرُ اهـ. وَفِي الْقَامُوسِ: الْأُرْجُوَانُ بِالضَّمِّ الْأَحْمَرُ، قَالَ الْخَطَّابِيُّ: أَرَاهُ أَرَادَ الْمَيَاثِرَ الْحُمْرَ، وَقَدْ تُتَّخَذُ مِنْ دِيبَاجٍ وَحَرِيرٍ، وَقَدْ وَرَدَ النَّهْيُ عَنْهَا لِمَا فِي ذَلِكَ مِنَ السَّرَفِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنْ لُبْسِ الرِّجَالِ. قُلْتُ: الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأُرْجُوَانِ فِي الْحَدِيثِ الْأَحْمَرُ، سَوَاءً كَانَ مُتَّخَذًا مِنْ حَرِيرٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَفِيهِ مُبَالَغَةٌ عَظِيمَةٌ عَنِ اجْتِنَابِ لُبْسِ الْأَحْمَرِ، فَإِنَّ الرُّكُوبَ عَلَيْهِ مَعَ أَنَّهُ لَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ اللُّبْسُ إِذَا كَانَ مَنْفِيًّا، وَالْقُعُودُ عَلَى الْحَرِيرِ مِمَّا اخْتُلِفَ فِيهِ، فَكَيْفَ بِلُبْسِ الْأَحْمَرِ، فَتَدَبَّرْ. وَيُلَائِمُهُ قَوْلُهُ بِالْعَطْفِ عَلَيْهِ (وَلَا أَلْبَسُ الْمُعَصْفَرَ) : أَيِ الْمَصْبُوغَ بِالْعُصْفُرِ، وَهُوَ بِإِطْلَاقِهِ يَشْمَلُ مَا صُبِغَ بَعْدَ النَّسْجِ وَقَبْلَهُ، فَقَوْلُ الْخَطَّابِيِّ: مَا صُبِغَ غَزْلُهُ، ثُمَّ نُسِجَ، فَلَيْسَ بِدَاخِلٍ يَحْتَاجُ إِلَى دَلِيلٍ مِنْ خَارِجٍ.
(وَلَا أَلْبَسُ الْقَمِيصَ الْمُكَفَّفَ) : بِفَتْحِ الْفَاءِ الْأُولَى مُشَدَّدَةٍ أَيِ الْمَكْفُوفَ (بِالْحَرِيرِ) : فَفِي النِّهَايَةِ: أَيِ الَّذِي عُمِلَ عَلَى ذَيْلِهِ وَأَكْمَامِهِ وَجَيْبِهِ كَفَافٌ مِنْ حَرِيرٍ، وَكُفَّةُ كُلِّ شَيْءٍ بِالضَّمِّ طَرَفُهُ وَحَاشِيَتُهُ، وَكُلُّ مُسْتَدِيرٍ كِفَّةٌ بِالْكَسْرِ كَكِفَّةِ الْمِيزَانِ، وَكُلُّ مُسْتَطِيلٍ كِفَّةٌ كَكِفَّةِ الثَّوْبِ. قَالَ الْقَاضِي: وَهَذَا لَا يُعَارِضُ حَدِيثَ أَسْمَاءَ: " «لَهَا لِبْنَةُ دِيبَاجٍ وَفَرْجَيْهَا مَكْفُوفَيْنِ بِالدِّيبَاجِ، وَقَالَتْ: هَذِهِ جُبَّةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» - لِأَنَّهُ رُبَّمَا لَمْ يَلْبَسُ الْقَمِيصَ الْمُكَفَّفَ بِالْحَرِيرِ ; لِأَنَّ فِيهِ مَزِيدَ تَجَمُّلٍ وَتَرَفُّهٍ وَلُبْسِ الْجُبَّةِ الْمُكَفَّفَةِ اهـ. وَسَبَقَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ، وَالْأَظْهَرُ فِي التَّوْفِيقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ خَبَرِ أَسْمَاءَ أَنَّ قَدْرَ مَا كُفَّ بِالْحَرِيرِ هُنَا أَكْثَرُ مِنَ الْقَدْرِ الْمُرَخَّصِ ثَمَّةَ وَهُوَ أَرْبَعُ أَصَابِعَ، أَوْ يُحْمَلُ هَذَا عَلَى الْوَرَعِ وَالتَّقْوَى، وَذَاكَ عَلَى الرُّخْصَةِ، وَبَيَانُ الْجَوَازِ وَالْفَتْوَى، وَقِيلَ: هَذَا مُتَقَدِّمٌ عَلَى لُبْسِ الْجُبَّةِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. (وَقَالَ: أَلَا) : لِلتَّنْبِيهِ (وَطِيبُ الرِّجَالِ) : أَيِ الْمَأْذُونُ لَهُمْ فِيهِ (رِيحٌ) : أَيْ مَا فِيهِ رِيحٌ (لَا لَوْنَ لَهُ) : كَمِسْكٍ وَكَافُورٍ وَعُودٍ (وَطِيبُ النِّسَاءِ لَوْنٌ لَا رِيحَ لَهُ) : كَالزَّعْفَرَانِ وَالْخَلُوقِ، وَلَا يَجُوزُ لَهُنَّ الطِّيبُ بِمَا لَهُ رَائِحَةٌ طَيِّبَةٌ عِنْدَ الْخُرُوجِ مِنْ بُيُوتِهِنَّ، وَيَجُوزُ إِذَا لَمْ يَخْرُجْنَ، وَالْحَدِيثُ خَبَرٌ بِمَعْنَى الْأَمْرِ، وَالْمَعْنَى لِيَكُنْ طِيبُ الرِّجَالِ رِيحًا دُونَ لَوْنٍ، وَطِيبُ النِّسَاءِ لَوْنًا دُونَ رِيحٍ.
وَفِي الْفَائِقِ عَنِ النَّخَعِيِّ: كَانُوا يَكْرَهُونَ الْمُؤَنَّثَ فِي الطِّيبِ، وَلَا يَرَوْنَ بِذُكُورَتِهِ بَأْسًا، وَالْمُؤَنَّثُ مَا يَتَطَيَّبُ بِهِ النِّسَاءُ مِنَ الزَّعْفَرَانِ وَالْخَلُوقِ وَمَا لَهُ رَدْعٌ، وَالذُّكُورَةُ طِيبُ الرِّجَالِ الَّذِي لَيْسَ لَهُ رَدْعٌ كَالْكَافُورِ وَالْمِسْكِ وَالْعُودِ وَغَيْرِهَا، وَالتَّاءُ فِي الذُّكُورَةِ لِتَأْنِيثِ الْجَمْعِ مِثْلُهَا فِي الْحُزُونَةِ وَالسُّهُولَةِ. (رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ) .