4217 - وَعَنْ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُعْجِبُهُ الثُّفْلُ» . رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي " شُعَبِ الْإِيمَانِ ".

ـــــــــــــــــــــــــــــ

4217 - (وَعَنْ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُعْجِبُهُ الثُّفْلُ» ) : بِضَمِّ الْمُثَلَّثَةِ وَيُكْسَرُ وَسُكُونِ الْفَاءِ، وَهُوَ فِي الْأَصْلِ: مَا يَرْسُبُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ أَوْ يَبْقَى بَعْدَ الْعَصْرِ، وَفُسِّرَ فِي الْحَدِيثِ بِالثَّرِيدِ وَبِمَا يُقْتَاتُ وَبِمَا يَلْتَصِقُ بِالْقِدْرِ وَبِطَعَامٍ فِيهِ شَيْءٌ مِنَ الْحُبُوبِ وَالدَّقِيقِ، وَنَحْوِهِ مِمَّا بَقِيَ فِي آخِرِ الْوِعَاءِ، فَفِي النِّهَايَةِ قَالَ فِي الْحَدِيثِ: " «مَنْ كَانَ مَعَهُ ثُفْلٌ فَلْيَصْطَنِعْ» " أَرَادَ بِالثُّفْلِ الدَّقِيقَ وَالسَّوِيقَ وَنَحْوَهُمَا، وَقِيلَ: الثُّفْلُ هُنَا الثَّرِيدُ وَأَنْشَدَ:

يَحْلِفُ بِاللَّهِ وَإِنْ لَمْ يُسْأَلْ ... مَا ذَاقَ ثُفْلًا مُنْذُ عَامِ أَوَّلْ

اهـ. وَقِيلَ: سُقُوطُ الْفَاكِهَةِ. وَفَسَّرَهُ شَيْخُ التِّرْمِذِيِّ وَهُوَ الدَّارِمِيُّ بِمَا بَقِيَ مِنَ الطَّعَامِ.

قَالَ الْمُظْهِرُ: أَيْ بِمَا بَقِيَ فِي الْقِدْرِ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَالْمَسْمُوعُ مِنْ أَفْوَاهِ الْمَشَايِخِ، وَلَعَلَّ وَجْهَ إِعْجَابِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ مَنْضُوجٌ غَايَةَ النُّضْجِ الْقَرِيبِ إِلَى الْهَضْمِ، وَيَكُونُ أَقَلَّ دَهَانَةٍ فَهُوَ أَهْنَأُ وَأَمْرَأُ، وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى تَوَاضُعٍ وَإِيمَاءٌ إِلَى الْقَنَاعَةِ وَإِشْعَارٌ إِلَى قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِرِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ وَغَيْرِهِ: «سَاقِي الْقَوْمِ آخِرُهُمْ شُرْبًا» . وَقَالَ زَيْنُ الْعَرَبِ: أَيْ مَا بَقِيَ فِي الْقَصْعَةِ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا سَيَأْتِي فِي فَضِيلَةِ اللَّحْسِ، وَالْأَظْهَرُ قَوْلُ الْمُظْهِرِ لِأَنَّهُ يَجْمَعُ الْمَعَانِيَ السَّابِقَةَ، وَمَا تَقَرَّرَ مِنْ أَنَّ دَأْبَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هُوَ الْإِيثَارُ وَمُلَاحَظَةُ الْغَيْرِ مِنَ الْأَهْلِ وَالْعِيَالِ وَالضِّيفَانِ وَأَرْبَابِ الْحَوَائِجِ، وَتَقْدِيمُهُمْ عَلَى نَفْسِهِ، فَلَا جَرَمَ كَانَ يَصْرِفُ الطَّعَامَ الْوَاقِعَ فِي أَعَالِي الْقُدُورِ وَالظُّرُوفِ إِلَيْهِمْ، وَيَخْتَارُ لِخَاصَّتِهِ مَا بَقِيَ مِنْهُ مِنَ الْأَسَافِلِ رِعَايَةً لِسُلُوكِ سَبِيلِ التَّوَاضُعِ وَطَرِيقِ الصَّبْرِ، وَفِيهِ رَدٌّ عَلَى كَثِيرٍ مِنْ أَغْبِيَاءِ الْأَغْنِيَاءِ حَيْثُ يَتَكَبَّرُونَ وَيَأْنَفُونَ مِنْ أَكْلِ الثُّفْلِ وَيَصُبُّونَهُ، وَاللَّهُ تَعَالَى جَعَلَ بِجَمِيلِ حِكْمَتِهِ فِي جَمِيعِ أَقْوَالِهِ وَأَفْعَالِهِ وَأَحْوَالِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صُنُوفَ اللَّطَائِفِ، وَأُلُوفَ الْمَعَارِفِ وَالطَّرَائِفِ، فَطُوبَى لِمَنْ عَرَفَ قَدْرَهُ وَاقْتَفَى أَثَرَهُ، وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِمَا قَدَّرَهُ. (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ الْإِيمَانِ) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015