266 - وَعَنْ سُفْيَانَ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ لِكَعْبٍ: مَنْ أَرْبَابُ الْعِلْمِ؟ قَالَ: الَّذِينَ يَعْمَلُونَ بِمَا يَعْلَمُونَ. قَالَ فَمَا أَخْرَجَ الْعِلْمَ مِنْ قُلُوبِ الْعُلَمَاءِ؟ قَالَ: الطَّمَعُ. رَوَاهُ الدَّارِمِيُّ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
266 - (وَعَنْ سُفْيَانَ) : أَيِ: الثَّوْرِيِّ، وَهُوَ إِمَامٌ مُجْتَهِدٌ فِي الْفِقْهِ وَإِلَيْهِ الْمُنْتَهَى فِي عِلْمِ الْحَدِيثِ، وَاجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَى دِينِهِ وَزُهْدِهِ وَوَرَعِهِ، وَكَوْنِهِ ثِقَةً أَخَذَ عَنْهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ وَغَيْرُهُ، ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ فِي التَّابِعِينَ (أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ لِكَعْبٍ) : أَيْ: كَعْبِ الْأَحْبَارِ، وَيُقَالُ لَهُ كَعْبُ الْحَبْرُ، وَهُوَ مِنْ أَكَابِرِ التَّابِعِينَ، وَخَصَّهُ بِذَلِكَ السُّؤَالِ لِأَنَّهُ كَانَ مِمَّنْ عَلِمَ التَّوْرَاةَ وَغَيْرَهَا، وَأَحَاطَ بِالْعِلْمِ الْأَوَّلِ (مِنْ أَرْبَابِ الْعِلْمِ) أَيْ: مَنْ هُمْ أَصْحَابُهُ عِنْدَكُمْ، أَوْ فِي كِتَابِكُمْ. قَالَ الطِّيبِيُّ: أَيْ مَنْ مَلَكَ الْعِلْمَ وَرَسَخَ فِيهِ وَاسْتَحَقَّ أَنْ يُسَمَّى بِهَذَا الِاسْمِ (قَالَ: الَّذِينَ) : أَيْ: هُمُ الَّذِينَ (يَعْمَلُونَ بِمَا يَعْلَمُونَ) .
قَالَ الطِّيبِيُّ وَهُمُ الَّذِينَ سَمَّاهُمُ اللَّهُ الْحُكَمَاءَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا} [البقرة: 269] فَمَنْ لَمْ يَعْمَلْ بِعِلْمِهِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْحِمَارِ. (قَالَ) : أَيْ: عُمَرُ (فَمَا أَخْرَجَ الْعِلْمَ) : مَا اسْتِفْهَامِيَّةٌ أَيْ: أَيُّ شَيْءٍ أَخْرَجَ الْعِلْمَ أَيْ نُورَهُ وَثَمَرَتَهُ وَتَأْثِيرَهُ وَبَرَكَتَهُ (مِنْ قُلُوبِ الْعُلَمَاءِ؟) أَيِ: الْعَامِلِينَ؛ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ غَيْرَ الْعَامِلِينَ لَيْسُوا عُلَمَاءَ (قَالَ: الطَّمَعُ) . لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى الرِّيَاءِ وَالسُّمْعَةِ، وَالْعِلْمُ وَالْعَمَلُ بِدُونِ الْإِخْلَاصِ لَا يُوصِلَانِ السَّالِكَ إِلَى مَقَامِ الِاخْتِصَاصِ، فَمَفْهُومُهُ أَنَّ الْوَرَعَ يُدْخِلُ الْعِلْمَ فِي قُلُوبِ الْعُلَمَاءِ جَعَلَنَا اللَّهُ مِنْهُمْ.
قَالَ الطِّيبِيُّ: الْفَاءُ جَزَاءُ شَرْطٍ مَحْذُوفٍ، وَالتَّعْرِيفُ فِي الْعِلْمِ لِلْعَهْدِ الْخَارِجِيِّ وَهُوَ مَا يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِ مِنْ أَرْبَابِ الْعِلْمِ أَيْ: إِذَا كَانَ أَرْبَابُ الْعِلْمِ مَنْ جَمَعَ بَيْنَ الْعِلْمِ وَالْعَمَلِ فَلِمَ تَرَكَ الْعَالِمُ الْعَمَلَ، وَمَا الَّذِي دَعَاهُ إِلَى تَرْكِ الْعَمَلِ لِيُعْزَلَ عَنْ هَذَا الِاسْمِ؟ قَالَ: الطَّمَعُ فِي الدُّنْيَا وَالرَّغْبَةُ فِيهَا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. (رَوَاهُ الدَّارِمِيُّ) : أَيْ مَوْقُوفًا.