3562 - وَعَنْ بُرَيْدَةَ قَالَ: «جَاءَ مَاعِزُ بْنُ مَالِكٍ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ طَهِّرْنِي فَقَالَ: وَيْحَكَ! ارْجِعْ، فَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ، وَتُبْ إِلَيْهِ، قَالَ: فَرَجَعَ غَيْرَ بَعِيدٍ، ثُمَّ جَاءَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ طَهِّرْنِي. فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَ ذَلِكَ، حَتَّى إِذَا كَانَتِ الرَّابِعَةُ، قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فِيمَ أُطَهِّرُكَ؟ قَالَ: مِنَ الزِّنَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَبِهِ جُنُونٌ؟ فَأُخْبِرَ أَنَّهُ لَيْسَ بِمَجْنُونٍ فَقَالَ: أَشَرِبَ خَمْرًا؟ فَقَامَ رَجُلٌ، فَاسْتَنْكَهَهُ، فَلَمْ يَجِدْ مِنْهُ رِيحَ خَمْرٍ، فَقَالَ: أَزَنَيْتَ؟ قَالَ: نَعَمْ. فَأَمَرَ بِهِ، فَرُجِمَ، فَلَبِثُوا يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً، ثُمَّ جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: اسْتَغْفِرُوا لِمَاعِزِ بْنِ مَالِكٍ لَقَدْ تَابَ تَوْبَةً لَوْ قُسِّمَتْ بَيْنَ أُمَّةٍ لَوَسِعَتْهُمْ، ثُمَّ جَاءَتْهُ امْرَأَةٌ مِنْ غَامِدٍ مِنَ الْأَزْدِ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ طَهِّرْنِي، فَقَالَ: وَيَحَكِ ارْجِعِي، فَاسْتَغْفِرِي اللَّهَ، وَتُوبِي إِلَيْهِ، فَقَالَتْ: تُرِيدُ أَنْ تَرْدُدَنِي كَمَا رَدَدْتَ مَاعِزَ بْنَ مَالِكٍ إِنَّهَا حُبْلَى مِنَ الزِّنَا، فَقَالَ: أَنْتِ؟ قَالَتْ: نَعَمْ. قَالَ لَهَا: حَتَّى تَضَعِي مَا فِي بَطْنِكِ. قَالَ: وَكَفَلَهَا رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ حَتَّى وَضَعَتْ، فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: قَدْ وَضَعَتِ الْغَامِدِيَّةُ، فَقَالَ: إِذًا لَا نَرْجُمُهَا وَتَدَعُ وَلَدَهَا صَغِيرًا لَيْسَ لَهُ مَنْ يُرْضِعُهُ، فَقَامَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَقَالَ: إِلَيَّ رَضَاعُهُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ، قَالَ: فَرَجَمَهَا. وَفِي رِوَايَةٍ أَنَّهُ قَالَ لَهَا: اذْهَبِي حَتَّى تَلِدِي. فَلَمَّا وَلَدَتْ، قَالَ: اذْهَبِي فَأَرْضِعِيهِ حَتَّى تَفْطِمِيهِ. فَلَمَّا فَطَمَتْهُ، أَتَتْهُ بِالصَّبِيِّ فِي يَدِهِ كِسْرَةُ خُبْزٍ، فَقَالَتْ: هَذَا يَا نَبِيَّ اللَّهِ قَدْ فَطَمْتُهُ، وَقَدْ أَكَلَ الطَّعَامَ، فَدَفَعَ الصَّبِيَّ إِلَى رَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، ثُمَّ أَمَرَ بِهَا، فَحُفِرَ لَهَا إِلَى صَدْرِهَا، وَأَمَرَ النَّاسَ، فَرَجَمُوهَا فَيُقْبِلُ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ بِحَجْرٍ فَرَمَى رَأْسَهَا، فَتَنَضَّحَ الدَّمُ عَلَى وَجْهِ خَالِدٍ، فَسَبَّهَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَهْلًا يَا خَالِدُ فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ تَابَتْ تَوْبَةً لَوْ تَابَهَا صَاحِبُ - مَكْسٍ لَغُفِرَ لَهُ. ثُمَّ أَمَرَ بِهَا، فَصَلَّى عَلَيْهَا، وَدُفِنَتْ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
3562 - (وَعَنْ بُرَيْدَةَ قَالَ: جَاءَ مَاعِزُ بْنُ مَالِكٍ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ طَهِّرْنِي) أَيْ كُنْ سَبَبَ تَطْهِيرِي مِنَ الذَّنْبِ بِإِجْرَاءِ الْحَدِّ عَلَيَّ (فَقَالَ: وَيَحَكَ!) فِي النِّهَايَةِ: وَيْحَ كَلِمَةُ تَرَحُّمٍ وَتَوَجُّعٍ يُقَالُ لِمَنْ وَقَعَ فِي هَلَكَةٍ لَا يَسْتَحِقُّهَا، وَقَدْ يُقَالُ بِمَعْنَى الْمَدْحِ وَالتَّعَجُّبِ وَهَى مَنْصُوبَةٌ عَلَى الْمَصْدَرِ، وَقَدْ يُرْفَعُ، وَيُضَافُ، وَلَا يُضَافُ، يُقَالُ وَيْحَ زَيْدٍ، وَوَيْحًا لَهُ، وَوَيْحٌ لَهُ (ارْجِعْ) أَيْ عَنْ هَذَا الْمَقَالِ وَعَنْ هَذَا الْكَلَامِ (فَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ) أَيْ بِاللِّسَانِ (وَتُبْ إِلَيْهِ) أَيْ بِالْجَنَانِ، وَالْمُرَادُ بِالِاسْتِغْفَارِ التَّوْبَةُ، وَبِالتَّوْبَةِ الْمُدَاوَمَةُ وَالِاسْتِقَامَةُ عَلَيْهَا (قَالَ: فَرَجَعَ غَيْرَ بَعِيدٍ) أَيْ غَيْرَ زَمَانٍ بَعِيدٍ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ} [النمل: 22] ذَكَرَهُ الطِّيبِيُّ وَالْأَظْهَرُ غَيْرَ مَكَانٍ بَعِيدٍ أَوْ رُجُوعًا غَيْرَ بَعِيدٍ بِمَعْنَى غَيْبَةٍ غَيْرِ بَعِيدَةٍ (ثُمَّ جَاءَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ طَهِّرْنِي) وَلَعَلَّهُ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى تَطْهِيرِ نَفْسِهِ بِالتَّوْبَةِ الصَّحِيحَةِ، وَالرَّجْعَةِ النَّصِيحَةِ (فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَ ذَلِكَ) وَيْحَكَ إِلَخْ (حَتَّى إِذَا كَانَتِ الرَّابِعَةُ) أَيْ، وَقَالَ طَهِّرْنِي (فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فِيمَ أُطَهِّرُكَ) قَالَ الطِّيبِيُّ: وَفِي نُسَخِ الْمَصَابِيحِ: مِمَّ أُطَهِّرُكَ؟ وَفِي نُسْخَةٍ: بِمَ أُطَهِّرُكَ؟ وَالرِّوَايَةُ الْأُولَى فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَكِتَابِ الْحُمَيْدِيِّ قَالَ النَّوَوِيُّ: فِيمَ بِالْفَاءِ وَالْيَاءِ التَّحْتِيَّةِ بِنُقْطَتَيْنِ فِي جَمِيعِ النُّسَخِ وَهُوَ صَحِيحٌ وَفِيهِ مَعْنَى التَّسَبُّبِ (قَالَ: مِنَ الزِّنَا) أَيْ مِنْ ذَنْبِهِ بِإِقَامَةِ الْحَدِّ، قَالَ الطِّيبِيُّ: مَا يُسْأَلُ بِهَا عَنْ عُمُومِ الْأَحْوَالِ وَمَنِ ابْتِدَائِيَّةٌ فِي الْجَوَابِ مُضَمَّنَةٌ مَعْنَى السَّبَبِ ; لِأَنَّهَا لِإِنْشَاءِ الِابْتِدَاءِ، فَخُصَّتْ مَا بِهِ لِيُطَابِقَهَا كَأَنَّهُ قِيلَ فِي أَيِّ سَبَبٍ أُطَهِّرُكَ؟ وَأَجَابَ بِسَبَبِ الزِّنَا، وَنَظِيرُهُ فِي الْمَعْنَى قَوْلُهُ تَعَالَى {قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ