3471 - وَعَنْ أَبِي رِمْثَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: «أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ أَبِي قَالَ: " مَنْ هَذَا الَّذِي مَعَكَ؟ قَالَ: ابْنِي أَشْهَدُ بِهِ. قَالَ: " أَمَا إِنَّهُ لَا يَجْنِي عَلَيْكَ وَلَا تَجْنِي عَلَيْهِ» ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ. وَزَادَ فِي " شَرْحِ السُّنَّةِ " فِي أَوَّلِهِ قَالَ: «دَخَلْتُ مَعَ أَبِي عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَأَى أَبِي الَّذِي بِظَهْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: دَعْنِي أُعَالِجُ الَّذِي بِظَهْرِكَ فَإِنِّي طَبِيبٌ. قَالَ: " أَنْتَ رَفِيقٌ وَاللَّهُ الطَّبِيبُ» ".
ـــــــــــــــــــــــــــــ
3471 - (وَعَنْ أَبِي رِمْثَةَ) : بِكَسْرِ الرَّاءِ وَسُكُونِ الْمِيمِ فَمُثَلَّثَةٍ قَالَ الْمُؤَلِّفُ: هُوَ رِفَاعَةُ بْنُ يَثْرِبِيٍّ التَّمِيمِيُّ (قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ أَبِي، فَقَالَ) : أَيِ: النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي (" مَنْ هَذَا الَّذِي مَعَكَ؟ " قَالَ) : أَيْ: أَبِي (ابْنِي) : أَيْ: هُوَ ابْنِي (اشْهَدْ بِهِ) : بِهَمْزِ وَصْلٍ وَفَتْحِ هَاءٍ أَيْ: كُنْ شَاهِدًا بِأَنَّهُ ابْنِي مِنْ صُلْبِي، وَفِي نُسْخَةٍ بِصِيغَةِ الْمُتَكَلِّمِ، وَهُوَ تَقْرِيرٌ أَنَّهُ ابْنُهُ، وَالْمَقْصُودُ الْتِزَامُ ضَمَانِ الْجِنَايَاتِ عَنْهُ عَلَى مَا كَانُوا عَلَيْهِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ مِنْ مُؤَاخَذَةِ كُلٍّ مِنَ الْوَالِدِ وَالْوَلَدِ بِجِنَايَةِ الْآخَرِ. (قَالَ) : أَيِ: النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَدًّا لِزَعْمِهِ (" أَمَا ") : بِالتَّخْفِيفِ لِلتَّنْبِيهِ (" إِنَّهُ ") : لِلشَّأْنِ أَوِ الِابْنِ (" لَا يَجْنِي عَلَيْكَ ") : لَا تُؤَاخَذُ بِذَنْبِهِ (" وَلَا تَجْنِي عَلَيْهِ ") : أَيْ: لَا يُؤَاخَذُ بِذَنْبِكَ. قَالَ الطِّيبِيُّ: وَهُوَ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ أَيْ: إِنَّهُ لَا يَجْنِي جِنَايَةً يَكُونُ الْقِصَاصُ أَوِ الضَّمَانُ فِيهَا عَلَيْكَ، أَوْ أَنَّ لَفْظَهُ خَبَرٌ وَمَعْنَاهُ نَهْيٌ أَيْ: لَا يَجْنِ عَلَيْكَ وَلَا تَجْنِ عَلَيْهِ، وَهَذَا الْمَعْنَى لَا يُنَاسِبُ مَا قَبْلَهُ وَلَا الْبَابَ كَمَا لَا يَخْفَى عَلَى ذَوِي الْأَلْبَابِ. (رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ. وَزَادَ) أَيْ: صَاحِبُ الْمَصَابِيحِ (فِي " شَرْحِ السُّنَّةِ " فِي أَوَّلِهِ) : أَيْ: فِي أَوَّلِ هَذَا الْحَدِيثِ (قَالَ) : أَيْ: أَبُو رِمْثَةَ (دَخَلْتُ مَعَ أَبِي عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَأَى أَبِي الَّذِي) : أَيْ: ظَاهِرَ اللَّحْمِ الْمُكَبْكَبِ (بِظَهْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) : أَيْ: مِنْ خَاتَمِ النُّبُوَّةِ الَّذِي خُلِقَ مَعَ خَلْقِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْخِلْقَةِ الْأَصْلِيَّةِ، وَظَنَّ أَنَّهُ سِلْعَةٌ وَهِيَ عَلَى مَا فِي الْمُغْرِبِ: لَحْمَةٌ زَائِدَةٌ تَحْدُثُ فِي الْجَسَدِ كَالْغُدَّةِ تَجِيءُ وَتَذْهَبُ بَيْنَ الْجِلْدِ وَاللَّحْمِ، (قَالَ: دَعْنِي) : أَيِ: اتْرُكْنِي، وَالْمُرَادُ ائْذَنْ لِي (أُعَالِجُ) : بِالرَّفْعِ، وَقِيلَ: بِالْجَزْمِ وَكَسْرٍ لِلِالْتِقَاءِ، وَتَقْدِيرُ الْأَوَّلِ: أَنَا أُعَالِجُ (الَّذِي بِظَهْرِكِ فَإِنِّي طَبِيبٌ. فَقَالَ: (" أَنْتَ رَفِيقٌ ") : أَيْ: أَنْتَ تَرْفُقُ بِالنَّاسِ فِي الْعِلَاجِ بِلَطَافَةِ الْفِعْلِ فَتَحْمِيهِ بِحِفْظِ مِزَاجِهِ عَمَّا يُخْشَى أَنْ لَا يَحْتَمِلَهُ بَدَنُهُ مِنَ الْأَغْذِيَةِ الرَّدِيئَةِ الْمُرْدِيَةِ، وَتُطْعِمُهُ مَا تَرَى أَنَّهُ أَرْفَقُ بِهِ مِنَ الْأَغْذِيَةِ اللَّطِيفَةِ وَالْأَدْوِيَةِ (" وَاللَّهُ الطَّبِيبُ ") : أَيْ: هُوَ الْعَالِمُ بِحَقِيقَةِ الدَّاءِ وَالدَّوَاءِ، وَالْقَادِرُ عَلَى الصِّحَّةِ وَالشِّفَاءِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ إِلَّا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْمَوْصُوفِ بِالْبَقَاءِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَيْ: إِنَّمَا الشَّافِي الْمُزِيلُ لِلْأَدْوَاءِ، وَهَذَا كَقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: " «فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الدَّهْرُ» ". أَيِ الَّذِي تَنْسُبُونَهُ إِلَى الدَّهْرِ فَإِنَّ اللَّهَ فَاعِلُهُ لَا الدَّهْرُ، فَلَا يُوجِبُ جَوَازَ تَسْمِيَةِ اللَّهِ طَبِيبًا. قَالَ الطِّيبِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: رَأَى بِظَهْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاتَمَ النُّبُوَّةِ وَكَانَ نَاتِئًا، وَظَنَّ أَنَّهُ سِلْعَةٌ تَوَلَّدَتْ مِنْ فَضَلَاتِ الْبَدَنِ، فَرَدَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَلَامَهُ بِأَنْ أَخْرَجَهُ مُدَرِّجًا مِنْهُ إِلَى غَيْرِهِ، يَعْنِي لَيْسَ هَذَا مِمَّا يُعَالَجُ، بَلْ يَفْتَقِرُ كَلَامُكَ إِلَى الْعِلَاجِ حَيْثُ سَمَّيْتَ نَفْسَكَ بِالطَّبِيبِ، وَاللَّهُ هُوَ الطَّبِيبُ، فَهُوَ مِنَ الْأُسْلُوبِ الْحَكِيمِ فِي الصَّنْعَةِ الْبَدِيعِيَّةِ. قَالَ الْمُظْهِرُ: تَسْمِيَةُ اللَّهِ تَعَالَى بِالطَّبِيبِ أَنْ يُذْكَرَ فِي حَالِ الِاسْتِشْفَاءِ: اللَّهُمَّ أَنْتَ الْمُصِحُّ وَالْمُمْرِضُ وَالْمُدَاوِي وَالطَّبِيبُ وَنَحْوُ ذَلِكَ، وَلَا يُقَالُ: يَا طَبِيبُ كَمَا يُقَالُ: يَا حَلِيمُ يَا رَحِيمُ، فَإِنَّ ذَلِكَ بَعِيدٌ مِنَ الْأَدَبِ ; وَلِأَنَّ أَسْمَاءَ اللَّهِ تَعَالَى تَوْقِيفِيَّةٌ. قَالَ تَعَالَى: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} [الأعراف: 180] قُلْتُ: وَلَعَلَّ بَعْدَهُ مِنَ الْأَدَبِ لِكَوْنِهِ مُوهِمًا لِلْإِطْلَاقِ الْعُرْفِيِّ عَلَى الْمَخْلُوقِ، كَمَا لَا يُقَالُ لَهُ الْمُعَلِّمُ، مَعَ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ} [البقرة: 31] وَ {الرَّحْمَنُ - عَلَّمَ الْقُرْآنَ} [الرحمن: 1 - 2] وَأَمَّا تَعْلِيلُهُ بِقَوْلِهِ: وَلِأَنَّ الْأَسْمَاءَ تَوْقِيفِيَّةٌ فَلَا يَظْهَرُ وَجْهُهُ إِلَّا إِنْ أَرَادَ مِنْ حُصُولِ التَّوْقِيفِ صِحَّةَ الدَّلِيلِ أَوْ حَصْرَهُ بِمَا فِي الْأَسْمَاءِ الْحُسْنَى الْمَشْهُورَةِ الْمَعْدُودَةِ بِالتِّسْعَةِ وَالتِّسْعِينَ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. وَهَذَا وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ: اللَّهُ الطَّبِيبُ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، عَنْ أَبِي رِمْثَةَ. وَرَوَى الشِّيرَازِيُّ عَنْ مُجَاهِدٍ مُرْسَلًا: «الطَّبِيبُ اللَّهُ، وَلَعَلَّكَ تَرْفُقُ بِأَشْيَاءَ يَخْرُقُ بِهَا غَيْرُكَ» .