3464 - وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " «لَوْ أَنَّ أَهْلَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ اشْتَرَكُوا فِي دَمِ مُؤْمِنٍ لَأَكَبَّهُمُ اللَّهُ فِي النَّارِ» ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
3464 - (وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ) : أَيْ: مَعًا (عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " لَوْ أَنَّ ") : أَيْ: لَوْ ثَبَتَ أَوْ فُرِضَ أَنَّ (" أَهْلَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ اشْتَرَكُوا ") : قَالَ الطِّيبِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: لَوْ لِلْمُضِيِّ وَأَنَّ أَهْلَ السَّمَاءِ فَاعِلٌ، وَالتَّقْدِيرُ: لَوِ اشْتَرَكَ أَهْلُ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ (" فِي دَمِ مُؤْمِنٍ ") : أَيْ: إِرَاقَتِهِ وَالْمُرَادُ قَتْلُهُ بِغَيْرِ حَقٍّ (" لَأَكَبَّهُمُ اللَّهُ فِي النَّارِ ") : أَيْ: صَرَعَهُمْ فِيهَا وَقَلَبَهُمْ. قَالَ الطِّيبِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: كَبَّهُ لِوَجْهِهِ أَيْ صَرَعَهُ فَأَكَبَّ هُوَ، وَهَذَا مِنَ النَّوَادِرِ أَنْ يَكُونَ أَفْعَلُ لَازِمًا وَفَعَلَ مُتَعَدِّيًا قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: لَا يَكُونُ بِنَاءُ أَفْعَلَ مُطَاوِعًا بِفِعْلٍ بَلْ هَمْزَةُ أَكَبَّ لِلصَّيْرُورَةِ أَوْ لِلدُّخُولِ، فَمَعْنَاهُ صَارَ ذَا كَبٍّ أَوْ دَخَلَ فِي الْكَبِّ وَمُطَاوِعُ فَعَلَ انْفَعَلَ نَحْوَ: كَبَّ وَانْكَبَّ وَقَطَعَ وَانْقَطَعَ. قَالَ التُّورِبِشْتِيُّ: وَالصَّوَابُ كَبَّهُمُ اللَّهُ، وَلَعَلَّ مَا فِي الْحَدِيثِ سَهْوٌ مِنْ بَعْضِ الرُّوَاةِ. قَالَ الطِّيبِيُّ: فِيهِ نَظَرٌ لَا يَجُوزُ أَنْ يَرِدَ هَذَا عَلَى الْأَصْلِ، وَكَلَامُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْلَى أَنْ يُتَّبَعَ، وَلِأَنَّ الْجَوْهَرِيَّ نَافٍ وَالرُّوَاةَ مُثْبِتُونَ. قُلْتُ: فِيهِ أَنَّ الْجَوْهَرِيَّ لَيْسَ بِنَافٍ لِلتَّعْدِيَةِ، بَلْ مُثْبِتٌ لِلُّزُومِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ثُبُوتِ اللُّزُومِ نَفْيُ التَّعْدِيَةِ، هَذَا وَقَدْ أَثْبَتَهَا صَاحِبُ الْقَامُوسِ حَيْثُ قَالَ: كَبَّهُ قَلَبَهُ وَصَرَعَهُ كَالْكَبَّةِ وَكَبْكَبَهُ كَأَكَبَّ هُوَ لَازِمٌ مُتَعَدٍّ اهـ. عَلَى أَنَّهُ يُقَالُ: الْهَمْزَةُ لِتَأْكِيدِ التَّعْدِيَةِ كَمَا فِي مَدَّ وَأَمَدَّ عَلَى مَا وَرَدَ هُنَا، وَلِسَلْبِهَا عَلَى مَا ثَبَتَ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ أَوْ يُقَالُ بِتَقْدِيرِ حَرْفِ الْجَرِّ لِلتَّعْدِيَةِ كَمَا قَالُوا فِي: رَحِبَتْكَ الدَّارُ، أَيْ: رَحِبَتْ بِكَ، وَعَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ فَنِسْبَةُ الْخَطَأِ إِلَى بَعْضِ اللُّغَوِيِّينَ، بَلْ كُلِّهِمْ أَوْلَى وَأَحْوَطُ مِنْ نِسْبَتِهِ إِلَى الرُّوَاةِ الثِّبَاتِ الْعُدُولِ الثِّقَاتِ، هَذَا وَلَفْظُ الْحَدِيثِ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ: لَكَبَّهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي النَّارِ. (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ) .