187 - وَعَنْ غُضَيْفِ بْنِ الْحَارِثِ الثُّمَالِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «مَا أَحْدَثَ قَوْمٌ بِدْعَةً إِلَّا رُفِعَ مِثْلُهَا مِنَ السُّنَّةِ ; فَتَمَسُّكٌ بِسُنَّةٍ خَيْرٌ مِنْ إِحْدَاثِ بِدْعَةٍ» ". رَوَاهُ أَحْمَدُ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
187 - (وَعَنْ غُضَيْفٍ) : بِالْمُعْجَمَتَيْنِ مُصَغَّرًا، وَقِيلَ بِالظَّاءِ مُخْتَلَفٌ فِي صُحْبَتِهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ غُضَيْفٍ فَأَثْبَتَ صُحْبَتَهُ، وَغُضَيْفٌ تَابِعِيٌّ وَهُوَ أَشْبَهُ، كَذَا فِي التَّقْرِيبِ، وَذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الصَّحَابَةِ، وَقَالَ: يُكَنَّى أَبَا أَسْمَاءَ، شَامِيٌّ، أَدْرَكَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي صُحْبَتِهِ وَقَالَ: وُلِدْتُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَبَايَعْتُهُ وَصَافَحَنِي، وَسَمِعَ عُمَرَ، وَأَبَا ذَرٍّ، وَعَائِشَةَ، وَرَوَى عَنْهُ مَكْحُولٌ وَسُلَيْمُ بْنُ عَامِرٍ (ابْنِ الْحَارِثِ الثُّمَالِيِّ) : بِضَمِّ الثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ وَتَخْفِيفِ الْمِيمِ نِسْبَةً إِلَى ثُمَالَةَ بَطْنٌ مِنَ الْأَزْدِ (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَا أَحْدَثَ) أَيْ: أَبْدَعَ وَجَدَّدَ (قَوْمٌ بِدْعَةً) أَيْ: مُزَاحِمَةً لِسُنَّةٍ (إِلَّا رُفِعَ مِثْلُهَا) أَيْ: مِقْدَارُهَا فِي الْكَمِّيَّةِ أَوِ الْكَيْفِيَّةِ (مِنَ السُّنَّةِ) وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ: سُمِّيَ الضِّدُّ مِثْلًا لِأَنَّهُ أَقْرَبُ خُطُورًا بِالْبَالِ عِنْدَ ذِكْرِهِ، وَأَسْرَعُ ثُبُوتًا عِنْدَ ارْتِفَاعِهِ، فَكَانَ بَيْنَهُمَا تَنَاسُبٌ مَا (فَتَمَسُّكٌ) : جَوَابُ شَرْطٍ مَحْذُوفٍ أَيْ إِذَا عَزَمْتَ ذَلِكَ فَتَمَسُّكٌ (بِسُنَّةٍ) أَيْ: صَغِيرَةٍ أَوْ قَلِيلَةٍ كَإِحْيَاءِ آدَابِ الْخَلَاءِ مَثَلًا عَلَى مَا وَرَدَ فِي السُّنَّةِ، وَأَمَّا قَوْلُ الطِّيبِيُّ: أَيْ سُنَّةٍ قَذِرَةٍ، فَلَغْزَةُ قَلَمٍ وَزَلَّةُ قَدَمٍ مِمَّا يَنْفُرُ عَنْهُ الطَّبْعُ وَيَمُجُّهُ السَّمْعُ.
قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَلَوْلَا اشْتِهَارُ عِلْمِ الرَّجُلِ وَتَحْقِيقِهِ وَحُسْنِ حَالِهِ وَطَرِيقِهِ لَقُضِيَ عَلَيْهِ بِهَذِهِ الْكَلِمَةِ بِأَمْرٍ عَظِيمٍ، كَيْفَ؟ ! وَأَصْحَابُنَا مُصَرِّحُونَ بِأَنَّ مَنِ اسْتَقْذَرَ شَيْئًا مَنْسُوبًا إِلَيْهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ كَفَرَ وَالسُّنَّةُ مَنْسُوبَةٌ إِلَيْهِ فَوَصْفُهَا بِالْقَذَارَةِ يُوقِعُ فِي تِلْكَ الْوَرْطَةِ لَوْلَا إِمْكَانُ تَأْوِيلِهِ بِأَنَّهُ لَمْ يَصِفْهَا بِالْقَذَارَةِ مِنْ حَيْثُ كَوْنِهَا سُنَّةً، بَلْ مِنْ حَيْثُ تَعَلُّقِ فِعْلِهَا بِمُسْتَقْذَرٍ، وَهَذَا بِفَرْضِ قَبُولِهِ إِنَّمَا يَمْنَعُ الْكُفْرَ فَحَسْبُ لَا الشَّنَاعَةَ وَالْقُبْحَ وَسُوءَ الْأَدَبِ! (خَيْرٌ مِنْ إِحْدَاثِ بِدْعَةٍ) أَيْ: أَفْضَلُ مِنْ حَسَنَةٍ عَظِيمَةٍ كَبِنَاءِ رِبَاطٍ وَمَدْرَسَةٍ. قَالَ الطِّيبِيُّ: وَيُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ مِنْ قَبِيلِ: الْعَسَلُ أَحْلَى مِنَ الْخَلِّ، وَعَلَى حَدِّ: أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ، فَالتَّقْدِيرُ حِينَئِذٍ التَّمَسُّكُ بِسُنَّةٍ فِيهِ خَيْرٌ عَظِيمٌ، وَبِبِدْعَةٍ لَا خَيْرَ فِيهِ