186 - وَعَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مُرْسَلًا، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «تَرَكْتُ فِيكُمْ أَمْرَيْنِ لَنْ تَضِلُّوا مَا تَمَسَّكْتُمْ بِهِمَا: كِتَابَ اللَّهِ وَسُنَّةَ رَسُولِهِ» ". رَوَاهُ فِي (الْمُوَطَّأِ)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
186 - (وَعَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ) : رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَهُوَ الْإِمَامُ مَالِكٌ صَاحِبُ الْمَذْهَبِ (مُرْسَلًا) : اعْلَمْ أَنَّ الْمُرْسَلَ هُوَ أَنْ يَقُولَ التَّابِعِيُّ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ، لَكِنَّ الْمَعْرُوفَ فِي الْفِقْهِ وَأُصُولِهِ أَنَّ قَوْلَ مَنْ دُونَ التَّابِعِيِّ أَيْضًا يُسَمَّى مُرْسَلًا، وَبِهِ ذَهَبَ الْخَطِيبُ، لَكِنْ قَالَ: إِلَّا أَنَّ أَكْثَرَ مَا يُوصَفُ بِهِ رِوَايَةُ التَّابِعِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اهـ.
فَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى قَوْلِهِ ; فَإِنَّ الْإِمَامَ مَالِكًا مِنْ أَتْبَاعِ التَّابِعِينَ (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (تَرَكْتُ فِيكُمْ أَمْرَيْنِ) أَيْ: شَيْئَيْنِ عَظِيمَيْنِ أَوْ حَكَمَيْنِ بِفَتْحِهِمَا (لَنْ تَضِلُّوا) ؟ أَيْ: لَنْ تَقَعُوا فِي الضَّلَالَةِ (مَا تَمَسَّكْتُمْ) أَيْ: مُدَّةَ تَمَسُّكِكُمْ (بِهَا) أَيْ: بِالْأَمْرَيْنِ مَعًا (كِتَابَ اللَّهِ) : أَيِ: الْقُرْآنَ (وَسُنَّةَ رَسُولِهِ) أَيْ: حَدِيثَ رَسُولِهِ، وَهُمَا مَنْصُوبَانِ عَلَى الْبَدَلِيَّةِ، أَوْ بِتَقْدِيرِ أَعْنِي. وَقِيلَ: بِالرَّفْعِ عَلَى الْخَبَرِيَّةِ بِتَقْدِيرِهِمَا، ثُمَّ فِي الْعُدُولِ عَنْ سُنَّتِي مُبَالَغَةٌ فِي زِيَادَةِ شَرَفِهِ وَالْحَثِّ عَلَى التَّمَسُّكِ بِسُنَّتِهِ بِذِكْرِهِ السَّبَبَ فِي ذَلِكَ، وَهُوَ خِلَافَتُهُ عَنِ اللَّهِ وَقِيَامُهُ بِرِسَالَتِهِ، وَأَنَّ مَا جَاءَ بِهِ لَيْسَ إِلَّا مِنْ تِلْكَ الرِّسَالَةِ لَا مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ.