بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
(الْفَصْلُ الْأَوَّلُ)
2187 - عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «تَعَاهَدُوا الْقُرْآنَ، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَهْوَ أَشَدُّ تَفَصِّيًا مِنَ الْإِبِلِ فِي عُقُلِهَا» " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(بَابٌ)
بِالتَّنْوِينِ، وَيَسْكُنُ، وَهُوَ فِي تَوَابِعِ الْفَضَائِلِ مِنَ الْأَحْكَامِ الَّتِي مُرَاعَاتُهَا مِنَ الْفَوَاضِلِ وَغَيْرِ ذَلِكَ.
(الْفَصْلُ الْأَوَّلُ)
2187 - (عَنْ أَبَى مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «تَعَاهَدُوا الْقُرْآنَ» ) ، أَيْ تَفَقَّدُوهُ وَرَاعُوهُ بِالْمُحَافَظَةِ وَدَاوِمُوهُ بِالتِّلَاوَةِ، قَالَ الطِّيبِيُّ: التَّعَاهُدُ الْمُحَافَظَةُ وَتَجْدِيدُ الْعَهْدِ، أَيْ وَاظِبُوا عَلَى قِرَاءَتِهِ وَدَاوِمُوا عَلَى تَكْرَارِ دِرَاسَتِهِ لِئَلَّا يُنْسَى (فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَهُوَ) ، أَيِ الْقُرْآنُ (أَشَدُّ تَفَصِّيًا) ، أَيْ فِرَارًا وَذَهَابًا وَتَخَلُّصًا وَخُرُوجًا (مِنَ الْإِبِلِ) قَالَ الطِّيبِيُّ: التَّفَصِّي التَّخَلُّصُ، يُقَالُ: تُفُصِّيَتِ الدُّيُونُ إِذَا خَرَجَتْ مِنْهَا (فِي عُقُلِهَا) بِضَمِّ الْعَيْنِ وَالْقَافِ جَمْعُ عِقَالٍ كَكُتُبٍ جَمْعُ كِتَابٍ، وَيَجُوزُ إِسْكَانُ الْقَافِ لُغَةً، لَكِنَّ الرِّوَايَةَ عَلَى ضَمِّهَا وَهُوَ الْحَبَلُ الَّذِي يُشَدُّ بِهِ ذِرَاعُ الْبَعِيرِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: " اعْقِلْ وَتَوَكَّلْ " قَالَ الطِّيبِيُّ: يُقَالُ: عَقَلْتُ الْإِبِلَ إِذَا جَمَعْتَ وَظِيفَهُ إِلَى ذِرَاعِهِ فَتَشُدُّهَا مَعًا فِي وَسَطِ الذِّرَاعِ، وَذَلِكَ الْعَقْلُ هُوَ الْحِبَالُ اهـ وَفِي فِيهِ بِمَعْنَى مِنْ، أَيْ لَهُوَ أَشَدُّ ذَهَابًا مِنَ الْإِبِلِ إِذَا تَخَلَّصَتْ مِنَ الْعِقَالِ فَإِنَّهَا تَنْفَلِتُ حَتَّى لَا تَكَادُ تُلْحَقُ، وَفِي رِوَايَةٍ: أَشَدُّ تَفَصِّيًا مِنْ قُلُوبِ الرِّجَالِ مِنَ الْإِبِلِ مِنْ عُقُلِهَا، قَالَ الطِّيبِيُّ: وَذَلِكَ أَنَّ الْقُرْآنَ لَيْسَ مِنْ كَلَامِ الْبَشَرِ بَلْ هُوَ كَلَامُ خَالِقِ الْقُوَى وَالْقَدَرِ، وَلَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَشَرِ مُنَاسَبَةٌ قَرِيبَةٌ لِأَنَّهُ حَادَثٌ وَهُوَ قَدِيمٌ، وَاللَّهُ - سُبْحَانَهُ - بِلُطْفِهِ الْعَمِيمِ وَكَرَمِهِ الْقَدِيمِ مَنَّ عَلَيْهِمْ وَمَنَحَهُمْ هَذِهِ النِّعْمَةَ الْعَظِيمَةَ فَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَتَعَاهَدَهُ بِالْحِفْظِ وَالْمُوَاظَبَةِ عَلَيْهِ مَا أَمْكَنَهُ (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) وَرَوَاهُ أَحْمَدُ.