قلت: أشار بذلك إلى السّهروردي فإنّه ذكره في عوارف المعارف فقال: وأصل لبس الخرقة من السنَّة هذا الحديث، قال: ولبس الخرقة ارتباط بين الشيخ وبين المريد فيلبسه الخرقة إظهارًا للتصرّف فيه، فيكون لبس الخرقة علامة للتفويض والتسليم، ودخوله في حكم الشيخ دخوله في حكم الله وحكم رسوله، وإحياء سنة المبايعة مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. ثمّ قال: ولا خفاء بأنّ لبس الخرقة على الهيئة التي يعتمدها الشيوخ في هذا الزمان لم يكن في زمن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وإنّما هو (من) (?) استحسان الشيوخ، ويد الشيخ في لبس الخرقة تنوب مناب يد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قال: وقد رأينا (?) من الشيوخ (?) من لا يلبس الخرقة ويسلك من غير لبسها، وكان طبقة من السلف الصالحين لا يعرفون الخرقة ولا يُلبسونها المريدين، فمن يلبسها فله مقصد صحيح وأصل في السنة وشاهد من الشرع، ومن لم يلبسها فله رأيه، وكلّ تصاريف المشايخ محمولة على السّداد والصّواب ولا تخلو عن نيّة صالحة. انتهى.
قلت: قد استنبطت للخرقة أصلًا أوضح من هذا الحديث، وهو ما أخرجه البيهقي في شعب الإيمان من طريق عطاء الخرساني أنّ رجلًا أتى ابن عمر فسأله عن إرخاء طرف العمامة فقال له عبد الله: "إنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث سرية وأمّر عليها عبد الرّحمن بن عوف، وعقد لواء وعلى عبد الرحمن بن عوف عمامة من كرابيس مصبوغة بسواد، فدعاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فحلّ عمامته ثمّ عمّمه بيده، وأفضل عمامته موضع أربعة أصابع أو نحو ذلك، فقال: "هكذا فاعتمّ فإنّه أحسن وأجمل"". فهذا أوضح في كونه أصلًا للبس الخرقة من وجهين؛ أحدهما: أنّ الصوفية إنّما يلبسون من يلبسونه طاقية على الرأس لا ثوبًا عامًا لجميع البدن، والثاني: أنّ حديث أمّ خالد في لباس (?) غطاء وقسمة وكسوة، وهذا في الرأس تشريف، وهو