من أصحابه، ومعنى مؤاخاته عليه السّلام أنّه أمرهم أمر ندب أن يعين كلّ واحد أخاه على المعروف، ويعاضده وينصره، فصار المسلمان في هذه الأخوّة الثانية في أعلى مراتب الأخوّة المجازيّة، كما أنّ الشقيق في أعلى مراتب الأخوّة الحقيقيّة.

فإن قيل: هذه الأخوّة مستفادة من أصل الإسلام، فإنّ دين الإسلام يقتضي المعاونة على كلّ برّ، فهذا الأمر الثاني مؤكّد لا منشئ لأمر آخر؟ قلنا: بل هو منشئ لأمر آخر لأنّه لا يستوي من وعدته بالمعروف بين المسلمين، ومن لم تعده، فإن الموعود قد وجد في حقّه سببان، الإسلام والمواعدة، وهذه الأخوّة هي التزام ومواعدة، ولا شكّ أنّ طلب الشّارع للوفاء بالخبر الموعود به أعلى رتبة من طلب الخير الذي لم يعد به، فقد تحقق طلب لم يكن ثابتًا بأصل الإسلام، وفيها فائدة أخرى، وهي أنّ هذا العزم المتجدّد من هذا الوعد يترتّب عليه من الثواب على عدد معلوماته، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "ومن همّ بحسنة فلم يعملها كتب له حسنة"، ولا شكّ أنّ هذا ثواب عظيم، وكذلك كلّ وعد بخير فإنّه يثاب على عزمه ووعده ما لا يثاب على العزم المتلقّى عن أصل الإسلام. انتهى.

* * *

طور بواسطة نورين ميديا © 2015