(لا حلف في الإسلام، وأيّما حلف كان في الجاهليّة لم يزده الإسلام إلّا شدّة) قال في النّهاية: أصل الحلف المعاقدة والمعاهدة على التّعاضد والتّساعد والاتّفاق، فما كان منه في الجاهليّة على الفتن والقتال بين القبائل والغارات فذلك الذي ورد النّهي عنه بقوله: "لا حلف في الإسلام"، وما كان منه في الجاهلية على نصر المظلوم وصلة الأرحام، كحلف المطيّبين وما جرى مجراه فذاك الذي قال فيه: "وأيّما حلف كان في الجاهلية لم يزده الإسلام الا شدّة".
(حالف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين المهاجرين والأنصار في دارنا) قال الخطّابي: كان سفيان بن عيينة يقول: معناه آخى، ولا حلف في الإسلام كما جاء به الحديث.
قال الشيخ عزّ الدّين بن عبد السلام: الأخوّة على قسمين، حقيقية ومجازية، فالحقيقية هي المشابهة، يقال: هذا أخو هذا لأنّه شابهه في كونه خرج من البطن الذي خرج منه ومن الظهر أيضًا، ثمّ إنّ آثار الأخوّة الحقيقية المعاضدة والمناصرة، فتستعمل الأخوّة في هذه الآثار من باب التعبير بالسبب عن المسبّب، ومن ذلك قوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ}، هو خبر معناه الأمر، أي لينصر بعضهم بعضًا، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "المؤمن أخو المؤمن" خبر بمعنى الأمر، ولمّا كانت الأخوّة الحقيقية منقسمة إلى أعلى المراتب كالشّقيق، وإلى ما دون ذلك كالأخ للأب أو للأم، كانت الأخوّة المجازيّة كذلك، فالأخوّة الناشئة عن الإسلام هي المرتبة الدّنيا من الأخوّة المجازية ثمّ إنّها كملت بالمؤاخاة التي سنها النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بمؤاخاته بين جماعة