حيث ذكر هذا الحديث في الموضوعات، وقد قال الحافظ زكيّ الدّين المنذري في مختصر السنن رجال إسناده يحتجّ بهم في الصحيحين على الاتّفاق والانفراد.
قلت: وله طرق وشواهد أوردتها في مختصر الموضوعات، وفي النكت البديعات.
وقد تكلّم الناس على معناه، وحاصل ما حملوه عليه شيئان؛ أحدهما: أنّه كناية عن الفجور، وهذا قول أبي عبيد وابن الأعرابي وبه جزم الخطّابي فقال: معناه الرّيبة وأنّها مطاوعة لمن أرادها. والثاني: أنّه كناية عن بذلها الطّعام وهو قول الأصمعي، وقال النسائي عقب تخريجه: قيل كانت سخيّة تعطي، وقال أحمد بن حنبل: ليس هو عندنا إلا أنّها تعطي من ماله ولم يكن ليأمره بإمساكها وهي تفجر، قال في النهاية: وهذا أشبه. وقال القاضي أبو الطيّب الطبري: القول الأوّل أولى لأنّه لو كان المراد به السّخاء لقيل لا تردّ يد ملتمس، لأنّه لا يعبّر عن الطلب باللّمس وإنّما يعبّر عنه بالالتماس، يقال: لمس الرجل إذا مسّه، والتمس منه إذا طلب منه، ولأنّ السخاء مندوب إليه فلا يكون المرأة معاقبة لأجله بالفراق فإنّ الذي تعطيه إمّا من مالها أو من مال الزوج فعليه صونه وحفظه وعدم تمكينها منه، فلم يتعيّن الأمر بتطليقها. وقال الحافظ شمس الدين الذهبي في مختصر السنن الكبير: كأنّ معناه تتلذّذ بمن يلمسها فلا تردّ يده، وأمّا الفاحشة العظمى فلو (أرادها) (?) الرجل لكان بذلك قاذفًا. وقال الحافظ عماد الدين بن كثير: حمل اللّمس على الزنا بعيد جدًّا، والأقرب حمله على أنّ الزوج فهم منها أنّها لا تردّ من أراد منها السّوء، لا أنّه (تحقّق) (?) وقوع ذلك منها، بل ظهر له ذلك بقرائن، فأرشده الشارع إلى مفارقتها احتياطًا، فلمّا أعلمه أنّه لا يقدر على فراقها لمحبّته لها وأنّه لا يصبر على ذلك، رخص له في إبقائها لأنّ محبته لها محقّقة، ووقوع الفاحشة منها متوهّم.