وقال الإِمام فخر الدِّين الرازي: أطبقت المعتزلة على أنّه لا يجوز تفسير الآية بالحديث؛ لأن قوله: {مِنْ ظُهُورِهِمْ} بدل من قوله: {بَنِي آدَمَ} فالمعنى وإذ أخذ ربّك من ظهور بني آدم، فلم يذكر أنّه أخذ من ظهر آدم، ولو كان لما قال: {مِنْ ظُهُورِهِمْ} بل يجب أن يقول: من ظهره ذريته.

وأجاب الإِمام: إنَّ ظاهر الآية يدلّ على أنّه تعالى أخرج الذرية من ظهور بني آدم، وأمّا أنّه أخرج تلك الذرية من صلب آدم فليس في لفظ الآية ما يدلّ على ثبوته ولا على نفيه، إلَّا أن الخبر قد دل عليه، فثبت إخراج الذرية من ظهر بني آدم بالقرآن وإخراج الذر من ظهر آدم بالخبر، ولا منافاة بينهما، فوجب المصير إليهما معًا صونًا للآية والخبر عن الاختلاف.

قال البيضاوي: والتوفيق بينهما أن يقال: المراد من بني آدم في الآية آدم وأولاده، فكأنّه صار اسمًا للنوع كالإنسان، والمراد من الإخراج توليد بعضهم من بعض على من الزمان، واقتصر في الحديث على ذكر آدم اكتفاء بذكر الأصل عن ذكر الفرع.

قال الطيبي: ونظير معنى الآية على هذا، قوله تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ} فإن قوله: {خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ} شامل لآدم أيضًا لقوله: {ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ} , ولا ريب (?) في أن هذا هو المراد، ولأن السّائل كان أشكل عليه معنى الآية فطلب منه صلوات الله وسلامه عليه حلّ إشكاله، فلما فسره - صلى الله عليه وسلم - بما فسّره، وكشف له ما أبهم عليه، سكت لأنّه كان بليغًا عارفًا بصياغة الكلام وإلا لما سكت. وقال الأشرفي: قال - صلى الله عليه وسلم - في حقّ أهل الجنّة: "ثمّ مسح ظهره بيمينه" لأن الخير ينسب إلى اليمين، وفي حق أهل النار بـ "يده"، ليفرّق بين القبيلين من أهل الجنة والنار، وأعرض (?) عن ذكر الشمال تأدبًا على ما ورد كلتا يدي الرّحمن يمين. انتهى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015