الرّحى التي يطحن بها، والمعنى أنّ الإسلام يمتدّ قيام أمره على سنن الاستقامة والبعد من إحداثات الظلمة (التي تقتضي) (?) هذه المدّة التي هي بضع وثلاثون، ففي خمس وثلاثين من الهجرة خرج أهل مصر وحصروا عثمان وجرى فيها ما جرى، وفي ستّ وثلاثين كانت وقعة الجمل، وفي سبع وثلاثين كانت وقعة صفّين. وقوله:
(وإن يقم لهم دينهم يقم لهم سبعين عامًا) قال الخطّابي: يريد بالدّين ههنا الملك، ويشبه أن يكون أراد بهذا مدّة ملك بني أمية وانتقاله عنهم إلى بني العبّاس، فإنّه كان بين استقرار الملك لبني أميّة إلى أن ظهرت دعاة الدولة العباسيّة بخراسان وضعف أمر بني أمية ودخل الوهن فيه نحو من سبعين سنّة.
قال في النهاية: وهذا التأويل كما تراه، فإن المدّة التي أشار إليها لم تكن سبعين سنة، ولا كان الدّين فيها قائمًا، قال: ويروى "تزول رحا الإسلام" عوض "تدور" (?)، أي تزول عن ثبوتها واستقرارها.
قلت: أمّا قوله إنّ المدّة لم تكن سبعين سنة، فممنوع لأنّ مقصده أنّها كانت نحو تسعين سنة ولكنّها دخلها الوهن في آخرها، فكانت المدّة التي لا وهن فيها نحو سبعين كما قاله الخطابي، وأمّا قوله ولا كان الدين فيها قائمًا، فإنّه ظنّ المراد بالدين في الحديث أحكام الذين، وليس كذلك، بل المراد الملك، كذا فسّره الخطابي في معالم السنن وأنشد عليه قول زهير:
لئن حللت بجوّ في بني أسد ... في دين عمرو وحالت بيننا فَدَكُ
قال: يريد ملك عمرو وولايته.
ولا شكَّ أنّ ملك بني أمية كان قائمًا في تلك المدّة، وكان أعظم من