والدباء والنقير والمزفت، وقال: احفظوهن وأخبروا بهن من وراءكم)) متفق عليه، ولفظه للبخاري.
18- (17) وعن عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وحوله عصابة من أصحابه: ((بايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئاً، ولا تسرقوا، ولا تزنوا، ولا تقتلوا أولادكم،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(والدباء) بضم المهملة وتشديد الموحدة والمد وقد يقصر: وعاء القرع وهو اليقطين اليابس، وهو جمع والواحدة دباءة، ومن قصر قال: "دباة" (والنقير) بفتح النون وكسر القاف: أصل النخلة ينقر وسطه فيتخذ من وعاء وينبذ فيه (والمزفت) بتشديد الفاء أي المطلي بالزفت أي القار، وربما قال ابن عباس المقير بدل المزفت، ومعنى النهي عن الانتباذ في هذه الأوعية بخصوصها لأنه يسرع فيها الإسكار، فربما شرب منها من لا يشعر بذلك، ثم ثبتت الرخصة في الانتباذ في كل وعاء مع النهي عن شرب كل مسكر كما سيأتي في باب النقيع. (احفظوهن) أي الكلمات المذكورات (وأخبروا بهن) بفتح الهمزة (من وراءكم) بفتح مَن وهي موصولة، ووراءكم يشمل من جاءوا من عندهم، وهذا باعتبار المكان، ويشمل من يحدث لهم من الأولاد وغيرهم، وهذا باعتبار الزمان، فيحتمل إعمالها في المعنيين حقيقة ومجازاً (متفق عليه) وأخرجه أيضاً أبوداود والترمذي والنسائي وغيرهم (ولفظه للبخاري) يعني لمسلم معناه، فبهذا المعنى صار الحديث متفقاً عليه.
18- قوله: (وعن عبادة) بضم العين وتخفيف الموحدة (بن الصامت) بن قيس الأنصاري الخزرجي المدني، يكنى أباالوليد، شهد العقبتين وبدراً والمشاهد كلها، وهو أحد النقباء، ثم وجهه عمر إلى الشام قاضياً ومعلماً، فأقام بحمص ثم انتقل إلى فلسطين ومات بها في الرملة، وقيل: ببيت المقدس سنة 34 وهو ابن 72سنة، وقيل عاش إلى خلافة معاوية، وهو أحد من جمع القرآن في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم -، رواه البخاري في تاريخه الصغير وابن سعد عن محمد بن كعب القرظي، وكان طويلاً جسيماً جميلاً فاضلاً، قال سعيد بن عفير: كان طوله عشرة أشبار. له مائة وأحد وثمانون حديثاً، اتفقا منها على ستة، وانفرد البخاري بحديثين، وكذا مسلم، روى عنه جماعة من الصحابة والتابعين. (وحوله) نصب على الظرفية خبر لقوله (عصابة) بالكسر اسم جمع كالعصبة لما بين العشرة إلى الأربعين من العصب وهو الشد، كأن بعضهم يشد بعضاً، والجملة حالية (من أصحابه) في محل الرفع؛ لأنه صفة لعصابة، أي عصابة كائنة من أصحابه، وكلمة (من) للتبعيض، ويجوز أن تكون للبيان (بايعوني) أي عاقدوني، سميت المعاهدة على الإسلام بالمبايعة تشبيهاً لنيل الثواب في مقابلة الطاعة بعقد البيع الذي هو مقابلة مال، ووجه المفاعلة أن كلاً من المتبايعين يصير كأنه باع ما عنده من صاحبه وأعطاه خالصة نفسه وطاعته كما في قوله تعالى: {إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة} [9: 111] . (لا تشركوا بالله شيئاً) مفعول به أو مفعول مطلق (ولا تسرقوا) من سرق بالفتح يسرق بالكسر سرقاً، وهو أخذ مال الغير محرزاً بخفية (ولا تقتلوا أولادكم) خص القتل بالأولاد لأنه قتل وقطيعة رحم، فالعناية بالنهي عنه