وتصوم رمضان، قال: والذي نفسي بيده لا أزيد على هذا ولا أنقص منه، فلما ولى قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: من سره أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة فلينظر إلى هذا)) متفق عليه.

15- (14) وعن سفيان بن عبد الله الثقفي قال: يا رسول الله قل لي في الإسلام قولاً لا أسأل عنه أحداً بعدك، وفي رواية: غيرك

ـــــــــــــــــــــــــــــ

فإنها زكاة وليست مفروضة (وتصوم رمضان) ولا يكون إلا مفروضاً، ولذا لم يقيده (لا أزيد على هذا) أي ما ذكر (شيئاً) من عند نفسي (ولا أنقص منه) برأيي، ولما كانت العبادة شاملة لفعل الواجبات وترك المنكرات صح إثبات النجاة له بمجرد ذلك (من سره ... ) الخ، الظاهر أنه - صلى الله عليه وسلم - علم أنه يوفي ما التزم، وأنه يدوم على ذلك ويدخل الجنة، ولم يخبر السائل بالتطوع في هذا الحديث، وكذا في حديث طلحة الآتي في قصة الأعرابي وغيرهما، بل أقره على الحلف بترك التطوعات في حديث طلحة؛ لأن أصحاب هذه القصص كانوا حديثي عهد بالإسلام، فاكتفى منهم بفعل ما وجب عليهم لئلا يثقل ذلك عليهم فيملوا، حتى إذا انشرحت صدورهم للفهم عنه والحرص على تحصيل ثواب المندوبات سهلت عليهم، وقيل: لئلا يعتقدوا أن التطوعات واجبة، واعلم أنه لم يأت ذكر الحج في هذا الحديث، وكذا لم يذكر في بعض هذه الأحاديث الصوم، ولم يذكر في بعضها الزكاة، وذكر في بعضها صلة الرحم، وفي بعضها ذكر الإيمان فتفاوت هذه الأحاديث في عدد خصال الإيمان زيادة ونقصاناً وإثباتاً وحذفاً، وأجاب القاضي عياض وغيره بما ملخصه: أن سبب ذلك تفاوت الرواة في الحفظ والضبط، فالاقتصار على بعض الخصال إنما لقصور حفظ الراوي عن تمامه، وليس هذا باختلاف صادر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقد استحسن النووي هذا الجواب، وقال العيني بعد ذكره: والأحسن أن يقال: إن رواة هذه الأحاديث متعددة، وكل ما روى واحد منهم بزيادة على ما رواه غيره أو بنقص لم يكن بتقصير الراوي وإنما وقع ذلك بحسب اختلاف الموقع واختلاف الزمان – انتهى. وفي الحديث دليل على أنه لابد من أعمال الجوارح في الإيمان خلافاً للمرجئة.

15- قوله: (وعن سفيان بن عبد الله) بن ربيعة بن الحارث الثقفي الطائفي، يكنى أباعمرو، وقيل: أباعمرة، أسلم مع وفد ثقيف، واستعمله عمر على صدقات الطائف، روى عنه أولاده عاصم وعبد الله وعلقمة وعمرو وأبوالحكم وغيرهم، قال ابن عبد البر: هو معدود في أهل الطائف، له صحبة وسماع ورواية، كان عاملاً لعمر بن الخطاب على الطائف، ولاه عليها إذ عزل عثمان بن أبي العاص عنها، ونقل عثمان حينئذٍ إلى البحرين – انتهى. قال الخزرجي: انفرد له مسلم بحديث، وقال القاري: مروياته خمسة أحاديث – انتهى. (الثقفي) بفتحتين نسبة إلى قبيلة ثقيف. (قل لي في الإسلام قولاً لا أسأل عنه أحداً بعدك) أي بعد سؤالك، طلب منه - صلى الله عليه وسلم - أن يعلمه كلاماً جامعاً لأمر الإسلام كافياً حتى لا يحتاج بعده إلى غيره (وفي رواية غيرك) أي لا أسأل عنه أحداً غيرك، والأول مستلزم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015