فدفع قبل أن تطلع الشمس، وأردف الفضل بن عباس، حتى أتى بطن محسر فحرك قليلاً،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
والبيتوتة بمزدلفة سنة مؤكدة إلى الفجر لا واجبة خلافاً للشافعي فيهما كما في اللباب (فدفع) أي ذهب إلى منى (قبل أن تطلع الشمس) هذا صريح في أنه - صلى الله عليه وسلم - ذهب إلى منى قبل طلوع الشمس، وبه أخذ الجمهور. قال النووي: قال ابن مسعود وابن عمر وأبو حنيفة والشافعي وجماهير العلماء: لا يزال واقفًا فيه يدعو ويذكر حتى يسفر الصبح جدًا كما في الحديث. وقال مالك: يدفع منه قبل الإسفار. قال الطبري: قال أهل العلم: وهذه سنة الإسلام أن يدفع من المزدلفة عند الإسفار قبل طلوع الشمس. قال طاوس: كان أهل الجاهلية يدفعون من عرفة قبل أن تغيب الشمس ومن المزدلفة بعد أن تطلع الشمس، ويقولون: أشرق ثبير كيما نغير، فأخر الله هذه وقدم هذه. قال الشافعي: يعني قدم المزدلفة قبل أن تطلع الشمس وأخر عرفة إلى أن تغيب الشمس (وأردف الفضل بن عباس) أي بدل أسامة (حتى أتي بطن محسر) بضم الميم وفتح الحاء وكسر السين المشددة المهملتين، اختلفوا في محسر فقيل: هو واد بين مزدلفة ومنى. قال ابن القيم: ومحسر برزخ بين منى ومزدلفة لا من هذه ولا من هذه. وقيل: ما صب منه في المزدلفة فهو منها، وما صب منه في منى فهو منها، وصوبه بعضهم. وقد جاء ((ومزدلفة كلها موقف إلا بطن محسر)) فيكون على هذا قد أطلق بطن محسر، والمراد منه ما خرج من مزدلفة، وإطلاق اسم الكل على البعض جائز مجازًا شائعًا. وقال الطحاوي: ليس وادي محسر من منى ولا من المزدلفة، فالاستثناء في قوله ((إلا وادي محسر)) منقطع. قال الطبري: سمي بذلك لأنه حسر فيه قيل أصحاب الفيل أي أعيي، وقيل: لأنه يحسر سالكيهم ويتعبهم، يقال حسرت الناقة أتعبتها، وأهل مكة يسمون هذا الوادي وادي النار، يقال: أن رجلاً اصطاد فيه فنزلت نار فأحرقته (فحرك قليلاً) أي حرك ناقته وأسرع السير قليلاً. قال النووي: هي سنة من سنن السير في ذلك الموضع. قال أصحابنا: يسرع الماشي ويحرك الراكب دابته في وادي محسر ويكون ذلك قدر رمية بحجر – انتهى. قال الشافعي في الأم: وتحريكه - صلى الله عليه وسلم - الراحلة فيه يجوز أن يكون فعل ذلك لسعة الموضع. قال الطبري: وهكذا كل من خرج من مضيق في قضاء جرت العادة بتحريكه فيه، وقيل يجوز أن يكون فعله لأنه مأوى الشياطين. وقيل لأنه كان موقفًا للنصارى فاستحب الإسراع فيه. وقال الأسنوي: وظهر لي معنى آخر في حكمة الإسراع وهو أنه مكان نزل فيه العذاب على أصحاب الفيل القاصدين هدم البيت فاستحب فيه الإسراع لما ثبت في الصحيح أمره المار على ديار ثمود ونحوهم بذلك. قال ابن القيم: وهذه كانت عادته - صلى الله عليه وسلم - في المواضع التي نزل فيها بأس الله بأعدائه وكذلك فعل في سلوكه الحجر وديار ثمود، تقنع بثوبه وأسرع السير – انتهى. وقال الشاه ولى الله الدهلوي: إنما أوضع بالمحسر لأنه محل هلاك أصحاب الفيل فمن شأن من خاف الله وسطوته أن يستشعر الخوف في ذلك الموطن ويهرب من الغضب، ولما