قيامه على الطريقة الشاذلية بعد وفاة أبى العباس المرسى واشتغاله بالوعظ والتدريس:

لقد أصبح ابن عطاء الله بعد وفاة شيخه أبى العباس المرسى سنة 686 هـ، القائم على طريقته، والداعى لها من بعده، هذا بالإضافة إلى قيامه بالتدريس بمدينة الإسكندرية، فلما رحل إلى القاهرة اشتغل بالتدريس والوعظ، فقد تولى ابن عطاء الله التدريس بأكبر الجامعات الإسلامية فى ذلك العهد، وأعنى بها الجامع الأزهر، وفى ذلك يقول ابن حجر: «وكان ابن عطاء يتكلم بالجامع الأزهر فوق كرسى (أى: أستاذ بكرسى) بكلام يروح النفس، ويمزج كلام القوم بآثار السلف وفنون العلم، فكثر أتباعه، وكانت عليه سيما الخير» . ويقول ابن تغرى بردى: «كان ابن عطاء الله رجلا صالحا، يتكلم على كرسى، ويحضر ميعاده خلق كثير، وكان لوعظه تأثير فى القلوب، وكان له معرفة تامة بكلام أهل الحقائق وأرباب الطريق» «1» . وقام ابن عطاء الله أيضا بالتدريس فى المدرسة المنصورية، التى أنشأها السلطان المنصور قلاوون بحى الصّاغة. وقد تخرج على يدى ابن عطاء الله عدد كبير من الفقهاء والصوفية، من أشهرهم الإمام تقي الدين السّبكى، والد تاج الدين السّبكى صاحب طبقات الشافعية الكبرى.

خصومته لابن تيمية:

وكان ابن عطاء الله معاصرا للشيخ تقي الدين بن تيمية، الذي شدّد النكير فى عصره على الصوفية، وصنف عدة رسائل فى الرد عليهم، وبالغ فى عداوته لهم فى كثير من الأحيان، لهذا كان من الطبيعى أن تقوم خصومة متبادلة بين ابن تيمية وابن عطاء الله، فالأول خصم لدود للصوفية، والآخر يعدّ الممثل الأول للصوفية، والمتحدث بلسانها فى عصره «2» .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015