لما عاد من الشَّام نزل على دارا فملكها، وحاصر مارِدِين، وفيها حسام الدين تمرتاش، فراسله واصطلحا، وزوَّجه ابنته الخاتون بنت تمرتاش، وعاد إلى الموصل مريضًا بعِلَّة القولنج، وكان يعتريه كثيرًا، وحُمِلَتْ إليه الخاتون وقد اشتدَّ مرضه، فمات سَلْخ جُمادى الآخرة، ولم يدخل بها، وعاش أربعًا وخمسين سنة [لأنه ولد سنة تسعين وأربع مئة] (1)، وقيل: [عاش] (1) أربعًا وأربعين سنة [وأنه ولد سنة خمس مئةٍ] (?) وأقام واليًا ثلاث سنين وشهورًا.
وكان شجاعًا جَوَادًا، حازمًا، حَسَنَ السِّيرة والعِشْرة والصُّورة، وهو أوَّلُ من حُمِلَ السَّنْجق (?) على رأسه من الأتابكية، ولم يحمله أحدٌ قبله لأجل [السلاطين] (1) السلجوقية، وآثاره بالمَوْصل باقية، منها مدرسة الأتابكية، وَقَفَها على الحنفية والشَّافعية، ودفن بها [والرِّباط للصُّوفية، ووقف الوقوف] (1) ومدحه الحَيص بيص (?)، وغيره. ولم يترك إلَّا ولدًا ذكرًا: فأخذه محمود أخوه، فربَّاه، وزوَّجه بابنة عَمِّه قُطْب الدِّين، فمات وهو شاب، وانقرضَ عقبه.
ولما مات سيف الدين كان أخوه قطب الدين بالموصل، فاتَّفق جمالُ الدِّين الوزير وزين الدِّين عليّ على توليته؛ لأَنَّه كان ليِّنَ الجانب، حَسَنَ الأخلاق، حليمًا، كريمَ الطِّباع، فحلَّفوه وملّكوه، وتزوَّج خاتون بنت صاحب ماردين التي لم يدخل بها [أخوه] (1) سيفُ الدِّين، فأولاده الذين ملكوا المَوْصِل منها خاصة (?)، وكانت [يحلُّ لها أن تضع] (?) خمارها عند خمسة عشرة ملكًا من آبائها [وأجدادها] (1) وأخوتها [وبني أخوتها] (1) وأولادهم وأولادها، فقد ضاهت عاتكة بنت يزيد بن معاوية وفاطمة بنت عبد الملك [بن مروان، وقد ذكرناهما] (1)، وكذا في المتأخرات ربيعة خاتون بنت