وقال يذُمّ مِصر: [من الوافر]
تَرَكْنا أَرْضَ مِصرَ لكلِّ فَدْمٍ (?) ... له باعٌ يُقَصِّرُ عن ذِراعِ
نفوسٌ لا تليقُ بها المعالي ... وأخلاق تضيق عن المساعي
إذا غَلِطُوا بإحسانٍ تَلَتْهُ ... عِدادٌ من إساءاتٍ تِباعِ
أقمتُ بها ومن نَكَدِ الليالي ... مقام الأُسْدِ في كَنَفِ الضِّباعِ
وكم خَلَّفْتُ من كَرَمٍ مُهانٍ ... بعَرْصتها ومن لُؤمٍ مُطاعِ
ومن مالٍ مَصُونِ العِرْض تحمى ... جوانِبُهُ ومن عِرْضٍ مُضَاعِ
وأَجسامٍ مُسَمَّنةٍ شِباعٍ ... وأعراضٍ مضمَّرةٍ جياعِ
ونَقْصٍ في أكابرها خصِيصٍ ... وجَهْل في أصاغرها مُشاعِ
أإنْ بانَتْ سرائِرُكُمْ وكانت ... مساويكم تقامُ على بِقاع
جعلْتُمْ ديننا أَنَّا سَمِعْنا ... وما الأذنان إلا للسَّماعِ (?)
وقال: [من الطويل]
أقولُ لظبيٍّ مرَّ بي وهو راتِعٌ ... أأنتَ أخو ليلى فقال يُقالُ
فقلتُ يُقال المُسْتقِلُّ من الهوى ... إذا مَسَّه ضُرٌّ فقال يُقالُ (?)
وقال أيضًا من شعره: [من البسيط]
حيثُ انتهَيت من الهِجْران بي فَقِفِ ... ومن وراءِ دمي بِيضُ الظُّبى فخَفِ
يا عابثًا بعِداتِ الوَصلِ يُخْلِفُها ... حتى إذا جاء ميعادُ الفِراقِ يفي
يستوصفونَ لساني عن محبَّتهم ... وأنتَ أصدقُ يا دمعي لهم فَصِفِ
ليست دموعي لنارِ الشَّوقِ مُطْفِئَةً ... وكيف، والماءُ باب والحريقُ خفي
لم أَنس يومَ رحيلِ الحيِّ موقِفَنا ... والعيسُ تَطْلُعُ أُولاها على شَرَفِ
والعَينُ من لَفْتة الغَيران ما لحِظَتْ ... والدَّمْعُ من رِقْبة الواشينَ لم يَكِفِ
وفي الحُدوجِ الغواني كلُّ آنسةٍ ... إنْ ينكشفْ سِجْفُها للشَّمْسِ تنكسِفِ