الرَّزَّاز على السُّلْطان، وسألوه فيه، فلم يلتفت إليهم، وساروا به نحو إسفرايين، فمات بِبسْطام (?) في ذي الحِجَّة، ووصل الخبرُ بموته إلى بغداد، فقعدوا للعزاء به، فحضر الغَزْنَوي، فقال له بعضُ العامَّة: ما حَضَرْتَ إلا شماتةً به. فقام بعضُ الفقهاء، فأنشد: [من الوافر]
خلا لكَ يا عدوُّ الجوُّ فاصفِرْ ... ونَجِّسْ في صُعودك كلَّ عُودِ
كذاكَ الثُّعْلبانُ يجولُ كِبْرًا ... ولكنْ عند فِقْدانِ الأُسودِ
وقيل للغَزْنوي: أنتَ كنتَ هاجِرَه، وتذكره حال حياته بما لا يَحْسُن، فكيف حَضَرْتَ عزاءه، وأَظْهرت الحزن عليه والبكاء؟ ! فقال: إنَّما بكيتُ على نفسي، كان يقال فلان وفلان، فما يُعدم النَّظير إلا ويُنْذَر الآخر بالرَّحيل، وأنشد: [من الكامل]
ذَهَبَ المُبَرِّدُ وانْقَضَتْ أيَّامُهُ ... وسينقضي بعد المُبَرِّدِ ثَعْلَبُ (?)
ورثاه المعين (?) بن الباطوخ البغدادي، فقال من قصيدة: [من الرَّمل]
أيُّها الرَّكْبُ ابْلُغوا بُلِّغْتُمُ ... أنَّ سُقْمي صَدَّني عن سَفَري
وإذا جِئْتُمْ ثَنِيَّاتِ اللِّوى ... فلِجُوا رَبْعَ الحِمى في خَطَرِ (?)
وصِفُوا شَوقي إلى سُكَّانِهِ ... واذكُروا ما عندكُمْ مِنْ خَبَرِي
وحَنِيني نحو أيَّامٍ مَضَتْ ... بالحِمى لم أَقْضِ منها وَطَرِي
فاتني فيها مُرادي وحلا ... لتمنِّي القُرْبِ منها سَهَرِي
كنتُ أخشى فَوْتها قبل النَّوى ... فرماني حذَرَي في حذَري
آهِ واشوقي إلى من بدَّلوا ... صَفْوَ عَيشي بعدهُمْ بالكَدَرِ
كلَّما اشْتَقْتُ تمَنَّيتُهُمُ ... ضاعَ عُمْرِي بالمُنى واعُمُري (?)