وكان ببانياس العَجَمي، فسلَّمها إلى الفرنج [خوفًا من المسلمين] (?)، فقويت [نفوس الفرنج] (?) على قَصدِ دمشق، واستعدُّوا لها، وبَلَغَ بوري فراسل ملوكَ الأطراف، وبَعَثَ بالفقيه عبد الوهَّاب بن الحَنْبلي إلى بغداد رسولًا عنه وعن أهل دمشق بذكر استيلاء الفرنج على بانياس، وأَنَّ قَصدَهم دمشق، [وقد أشرفوا عليها] (1)، فَخُلِعَ عليه، ووعد بإنفاذ العساكر، وجاء الفرنج، فنزلوا على جسر الخشب، وأخرج بُوري عَسْكرًا من باب شرقي في اللَّيل على ناحية بُراق (?)، فوقعوا على جماعةٍ من الفرنج كانوا قد مضوا إلى حوران يطلبون المِيرة، فقتلوهم وأسروا الباقين، وبلغ الفرنج، فرحلوا نحو حوران والمسلمون خلفهم ينهبون ويقتلون حتَّى وصلوا إلى طبرية (?).
وفيها تُوفِّي
أبو الفَتْح المِيهَني، الإِمام الشَّافعيّ، [صاحب التعليق، تفقه على أبي المظفر السَّمْعاني وغيره، و] (1)، بَرَعَ في الفِقْه، وفاقَ أبناء جنسه [في النَّظر] (1)، وحَصَلَتْ له منزلةٌ عند الملوك، وقَدِمَ بغداد، ودَرَّس بالنِّظامية، وعَلَّق عنه بها جماعةٌ "تعليقته" الخلافية، وخَرَجَ من بغداد، فنزل هَمَذَان، فمرِضَ وكان في بيتٍ، فقال لمن [كان] (1) عنده: اخرجوا عني. فخرجوا، فجعل يَلْطِمُ وجهه ويبكي، ويقول: {يَاحَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ} [الزمر: 56] يُرَدِّدُها حتَّى مات.