وفيها (?) بَعَثَ السُّلْطان محمَّد شاه برأسِ أحمد بن عبد الملك بن عَطَّاش مقدَّمِ الباطنية ورأسِ ولدِهِ، وكان ابنُ عَطَّاش بقلعةٍ عظيمة بأصبهان، بناها السُّلْطان مَلِك شاه جلالُ الدَّوْلة؛ وسببُ بنائها أنَّ بعضَ رُسُلِ الرُّوم وَرَدَ عليه في رسالة وأظهَرَ الإِسلام، فخَرَجَ معه ذاتَ يومٍ للصَّيد، فهربَ منه كلبٌ صَيُود [شديدُ العَدْو] (?)، فصَعِد الجبل، وصَعِد السُّلْطان وراءه ومعه الرُّومي، فقال له [الرومي] (?): يا سُلْطان، لو كان هذا الجبلُ عندنا لبنينا عليه قلعةً ننتفعُ بها، ويبقى ذِكرُها. فثَبَتَ هذا الكلام في قلب السُّلْطان، فبناها، وأَنْفَقَ عليها [أموالًا عظيمة] (?)؛ ألفي ألف دينار ومئتي ألفِ دينار، فاحتال عليها ابنُ عَطَّاش حتى مَلَكَها، فكان أهلُ أصبهان يقولون: انظروا إلى هذه القَلْعة؛ كان الدَّليلُ على مَوْضعها كلبٌ، والمُشير ببنائها كافر، وخاتِمةُ أمرِها هذا المُلْحد.
وكان الرُّومي لما عادَ إلى بلده يقول: إنِّي نَظَرتُ إلى أصبهان، وهو بلدٌ عظيم والإِسلامُ به ظاهر، فلم أجد شيئًا أُشَتِّتُ به جموعَهم، وأُنْفِدُ به أموالهم غيرَ بناءِ هذه القَلْعة.
ولما ماتَ مَلِك شاه تحيَّل عليها ابنُ عطاش ومَلَكَها (?)، وأقام بها اثنتي عَشْرَةَ سنةً، ولما آلَ الأمرُ إلى محمَّد شاه، اهتمَّ بها (?)، ونَزَلَ عليها، وأقام على حِصارها سنةً، ثُمَّ فتَحَها عَنْوةً وهَدَمها، وقتَلَ ابنَ عَطَّاش وَوَلَدَه في ذي القَعدة، وسَلَخ ابنَ عَطَّاشٍ، ومَثَّلَ بأصحابه، وألقتْ زوجتُه نَفسَها من أعلى القلعة، ومعها جوهرٌ نفيس، فهلكت وما معها.