إليهم قبل أن يتفاقم الأمر. وأغلظ لرئيس الرؤساء وقال: أنتم فعلتُم هذا. فثقُلَ عليه ما سمع، وظنَّ أنَّه قد تغيَّر اعتقادُه، فرجع واجمًا (?)، وطالع الخليفة بذلك، فعزَّ عليه.
وسار السلطان في سادس ذي القعدة، ومعه الخزائن وآلات الحصار، فكان مُقامه ببغداد ثلاثة عشر شهرًا وثلاثة عشر يومًا، ولم يلقَ الخليفة على العادة.
وفي تاسعه سُلِّمتْ زوجةُ البساسيري وزهرةُ جاريتُهُ ابنتُه منها إلى أصحاب السلطان من محبسهم (?) بباب المراتب، وحملوهم إلى الجبل ليعتقلوهم في بعض القلاع، وأقام عميد العراق في دار المملكة.
وفي هذا الشهر عاد ابن فَسانْجِس ومَنْ معه من الديلم والترك إلى واسط، ونهب قرية عبد الله من ضياع الخليفة، وقتل مَنْ فيها، وأخذ سفنًا فيها متاع للخليفة، وبيَّضَ حائط جامع واسط، ومحا ما كان على قبلته من ألقاب بني العباس، ونصب على المنبر لواءين أبيضين، وخطب لصاحب مصر، ونقش على الدنانير والدراهم اسمَه، وخطب لصاحب مصر -أَيضًا- بالكوفة، وفرَّق في المشهد مالًا على العلويين، وبيَّضَ حائط الجامع، وأُزيل اسمُ القائم، وكُتب مكانه اسم صاحب مصر، والذي فعل ذلك بدر بن علي أخو دُبيس. وقيل: محمود بن الأخرم الخفاجي.
وفيه سار قريش إلى دُبيس ونزل عليه، فتكفَّل بأمره، وأزال الوحشة بينه وبين أخيه والبساسيري، ولبس قريش خِلْعة آتيةً من مصر، وأخذ مالًا بعث به إليه، وسار السلطان من عُكْبَرا رابع عشر منه بعد أن نهبها العسكر، وجمع تلك البلاد، وهرب الرجال والنساء على أقبح صورة.
وفي سابع ذي الحجَّة فتح السلطان تِكريت، وكان لمَّا نزل مقابِلَها راسل عيسى بن خميس صاحبَها، وطالبَه بمال وغَلَّة، فأذعن بذلك، فلما عبر الرسولُ لقبضه -وكان الغلاءُ قد عمَّ البلاد- فقام أهل تِكريت، وشتموا الرسول، وقالوا: هذه البلاد للبساسيري. فعبر السلطان إليهم من الجانب الشرقي فحاربهم، وصَعِدها ودخل أكثرُ أهلها إلى القلعة، وهلك في الزحمة جماعةٌ، ونهب البلد، وسبق الحريم، وقُتِلَ خلقٌ