وفيها تُوفِّي
الشاعر [الأديب] المغربي. ذكر له أبو عبد الله محمد بن أبي نصر الحميدي في "تاريخه" [حكايةً طويلةً بألفاظٍ سمِجةٍ حاصِلها أنَّه] كان أحمدُ يهوى [غلامًا من أهل الأندلس يُقال له]: أسلم بن أحمد بن سعيد قاضي قضاة الأندلس، وكان أسلمُ من أحسن أهل زمانه، فافتتن به، [وكان أحمد بن كليب أديبًا فاضلًا]، فقال فيه الأشعار، وأهدى إليه كتاب "الفصيح" لثعلب، وكتب معه [هذه الأبيات]: [من المجتث]
هذا كتاب الفصيحِ ... بكلِّ لفظٍ مَليحِ
وهبتُهُ لكَ طوعًا ... كما وهبتُكَ روحي
وشاع شِعْرُه فيه، [وغُنِّي فيه بالأسواق]، وكان أسلمُ يحضر المجالس للحديث، ويجلس على بابه، فامتنع من ذلك، فمرض أحمد [بن كُلَيب] من محبَّتِه. قال محمد بن خطاب النَّحْوي: فدخلتُ عليه وهو بأسوأ حال، فقلت له: ألا تداوى؟ فقال: دوائي معروف، ولا حيلةَ للأطباء فيَّ. قلتُ: وما هو؟ قال: نظرةٌ من أسلم، فلو سعيتَ في أمري بأن يزورني لأعظمَ اللهُ أجرك. فمضيتُ إلى أسلم وسألتُه فامتنع وقال: يكفي أنَّه فضحني وشبَّبَ بي وهتكني، وواحيائي من أبي. فلم أزَلْ أُرقِّقه حتَّى خرج فمشى معي، ثم خجل وعاد من بعض الطريق. [قال]: فدخلتُ على أحمد وهو ينتظرني، فلما رآني يئس وذهب عقله، [ثم آبَ إليه عقلُه] وقال: [من المخلع البسيط]
أسلمُ يا راحةَ العليلِ ... رفقًا على الهائمِ النَّحيلِ
وصلُكَ أشهى إلى فؤادي ... من رحمةِ الخالقِ الجليلِ
فقلت له: اتَّقِ الله، ما هذه [الكلمة] العظيمة (?)؟ فقال: قد كان فخرجتُ من عنده، فما (?) بلغتُ وسط الزقاق حتَّى سمعتُ الصُّراخَ [والنَّوح] عليه وقد مات، فكان أسلمُ إذا رأى غفلةً من الناس زار قبره. [وإنما أخذ هذا المعنى من المتنبي، وقد ذكرناه في ترجمته].