وهَبَّتْ بدَقوقا ريحٌ سوداء (?)، فقلعتِ المنازلَ والنخل والزيتون، وقتلت كثيرًا من الناس، وامتدَّتْ إلى تكريت، ففعلَتْ (?) مثلَ ذلك، وكذا فعلَتْ بفارس، وأُخرِبَتْ شيراز، وغرق بسيراف (?) بهذه الريح مراكبُ كثيرة.
ووقع بالعراق بَرَدٌ، في كلِّ بَردة مئة درهم، سوى ما ذاب منها.
وفيها هدم الحاكمُ بِيعةَ قمامة - التي بالبيت المقدَّس - وغيرَها من البِيَع والكنائس بمصر والشام، وألزمَ أهلَ الذمَّة الغيار (?) [قال هلال بن الصابئ: حدثني أبو إسحاق إبراهيم بن الخضر المصري قال: ] وكانت العادةُ جاريةً بأن يخرج النصارى من مصر في كل سنة في العماريات إلى القدس؛ لحضور فِصْحِهم [في بِيعة قمامة]، فخرجوا في هذه السَّنة على العادةِ مُظهرين التجمُّلَ كما يخرج الحاجُّ إلى مكة، فسأل الحاكم خَتَكين العَضُدي [الداعي، وكان بين يديه عن أمر النصارى في قصد هذه البِيعة، وكان قد عرف أمرَها لمَّا كان يتردَّد إلى الشام]، فقال: يا مولانا، هذه بِيعةٌ يُعظِّمها النصارى ويقصدونها - يوم فِصْحِهم - من كلِّ المواضع، وربما صارَ إليها ملوكُ الروم متنكِّرين، ويحملون إليها الأموال والثياب [والستور والفُرش]، ويصوغون لها القناديل والصُّلبان والأواني من الذهب والفضة، فإذا حضروا يوم الفِصْحِ أظهروا زينتَهم، ونصبوا صُلبانَهم، ورفعوا أصواتَهم، ووقع الشَّبه في عقولهم (?) أنَّ قُوَّام البِيَعة يُعلِّقون القناديلَ في بيت المذبح، ويوصِلون إليها النارَ بِدُهن البَلَسان (?) - ومن طبيعته أنَّه يجذب النار - ويجعلون فيها دُهن الزَّنبق، ويجعلون بين كلِّ قنديلٍ وما يليه حديدًا كهيئة الخيط متصلًا من واحد إلى واحد، ويطلونه بدُهن البَلَسان حتى يسري في الجميع، وعندهم أنَّ مهدَ عيسى - عليه السلام - في البِيعة، وأنه عُرِجَ به إلى السماء منه، فإذا كان يومُ فِصْحِهم