[وهذا هو الذي ذكرنا عنه أنَّه مرَّ على عزيز العيَّار، وقد خرج عزيز مع العيَّارين وأبواه يبكيان عليه، والناس يعذلونه يقولون له: ارجِعْ إلى والديك. فقال: لقد قلت لأصحابي: إني منكم، ومثلي إذا قال شيئًا لا يرجع عنه، اطلبا عزيزًا غيري، ساروقتي (?) في جيبي.
قال عبد الصمد: قد رأيته تابع الهوى على الوفاء، مع [علمه أنَّه إذا وقع في الشدائد لا يُجيُره، فبايَعتُ ربي على الوفاء مع] (?) علمي أنني إذا وقعتُ في الشدائد يجيرني، فاجتزتُ يومًا بدرب الدَّيْزَج، فشممتُ رائحةً طيبةً، فطالبتني نفسي بشيء منها، فقلت: اطلبي عبد الصمد غيري، ساروقتي في جيبي.
وقال عبد الصمد السُّكَّري: اجتاز عبد الصمد يومًا بساعٍ يعدو] (?) وقد بقي عليه من النهار بقيةٌ، والناس يتحفونه بالتُّحف والهدايا ومعه رجل يُنهضه ويقول: مُتِ اليوم تحيا غدًا. فقال عبد الصمد في نفسه: يا نفسُ هذا لك موتي اليوم [تحيي غدًا أو] لتعيشي غدًا. [وكان يقول لأصحابه: قد فاتتكم الدنيا فلا تفوتكم الآخرة.
وحكى علي بن المحسن التنوخي (?) عنه أنَّه اجتاز] (?) يومًا بعطَّارٍ يهوديٍّ، فسمعه يقول لابنه: يا بُنيَّ قد جرَّبْتُ هؤلاء المسلمين فما وجدتُ فيهم ثقةً. فقال له عبد الصمد: تستأجرني لحفظ دُكَّانِكَ. قال: وكم تأخذُ مني؟ قال: ثلاثة أرطال خبز في كلِّ يوم ودانقين فضة. فقال: قدْ رضيتُ. فأقام يحفظ دُكَّانه سنةً، فلمَّا انقضَتْ قال: انظُرْ دُكَّانك، هل تفقد منه شيئًا؟ قال: لا. قال: ما أنا من يخدِمُ مثلَك، وإنما سمعتك تقول لأبيك كذا وكذا، فأردتُ أن أُعلِمكَ أن في المسلمين [من هو] صاحب أمانة.
[ذكر وفاته:
قال الخطيب: حدثني التنوخي قال] (?): دخلَتْ عليه عند موته أمُّ الحسن بنت القاضي أبي أحمد بن الأكفاني، وكانت تقوم بأمره وتراعيه، فقالت: سألتُكَ باللهِ إلَّا