قال المصنف رحمه الله: قول الخطيب: كان يقول الشعر، ويُجيد نظمه؛ إن كان من هذا الجنس، فسكوتُه أصلح.
سكن ابن جِنِّي بغداد، ودرس بها العلم، حتى مات يوم الجمعة لليلتين بقِيَتا من صفر، وأخذ الأدب عن جماعة، منهم: أبو علي الفارسي وطبقته، وقرأ عليه النَّحوَ عَضُدُ الدولة، وكان يُعظمه. وقيل: إنه توفِّي بالموصل، وكان ثقةً صدوقًا.
أبو الحسن، الجرجاني، قاضي الري، سمع الحديث الكثير، وترقَّى في العلوم، فأقَرَّ له الناس بالفضل، وله أشعار حِسانُ منها: [من الطويل]
يقولون لي فيكَ انقباضٌ وإنما ... رأَوا رجلًا عن موقفِ الذُّلِّ أحجَما
أرى النَّاسَ مَنْ داناهُمُ هانَ عِنْدَهم ... ومَنْ أكْرَمَتْهُ عِزَّةُ النَّفْسِ أُكْرِما
ولم أقْضِ حقَّ العِلْمِ إنْ كان كُلَّما ... بدا طَمعٌ صيَّرتُهُ ليَ سُلَّما
إذا قيلَ هذا منهلٌ قلتُ قد أرى ... ولكنَ نفسَ الحُر تحتمِلُ الظَّما
ولم أبتذِلْ في خدمةِ العلمِ مُهجَتي ... لأَخدُمَ مَنْ لاقَيتُ لكنْ لأُخدَما
أأشقى به غرسًا وأجنيه ذِلَّةً ... إذًا فاتِّباعُ الجهلِ قد كان أحزَما
ولو أن أهلَ العلمِ صانوهُ صانَهُم ... ولو عظَّموهُ في النُّفوسِ لَعُظِّما
ولكِنْ أذلُّوهُ جَهارًا (?) فدَنَّسوا ... مُحيَّاهُ بالأطماعِ حتَّى تجهَّما
وما زلتُ منحازًا بعرضيَ جانبًا ... عن الذُّلِّ أعتدُّ الصيانَةَ مغْنَما
أُنَهْنِهُها عن بعض ما قد يشينُها ... مخافة أقوال العِدى فيمَ أولما
وما كلُّ برقٍ لاحَ لي يستَفِزُّني ... وما كلُّ من في الناس أرضاه مُنْعِما
وأُقْسِمُ ما عِزُّ أمْرئٍ حسُنَتْ لَهُ ... مسامَرةُ الأطماعِ إنْ باتَ مُعدِما
وكم طالبٍ رقى بنعماهُ لم يَصِلْ ... إليه ولو كان الرَّئيسَ المُعَظَّما
وكم نعمةٍ كانتْ على الحرِّ نِقْمةً ... وكم مغْنَمٍ يعتَدُّه الحرُّ مَغْرَما