أبو المعالي، شريف بن سيف الدولة، قد ذكرنا عَزْمَه على المسير إلى الرملة، فاتَّفق أنَّه لحقه قُولَنْج أشفى منه، فأشار عليه طبيبُه بالدخول إلى البلد، وملازمة الحمَّام، فقال: أنا قاصد إلى جهةٍ، فإنْ عدتُ عنها وقع الإرجافُ [بي] (?). فعالجه، فبرَأَ، وكان مستوليًا على أمره لؤلؤٌ الكبير -وقد ذكرناه- وزُيِّنَ البلدُ، ولم يبقَ إلا أن يصبح فيركب، وكان له أربع مئة سرية أَخصهنَّ عنده جارية يقال لها: انفراد، فجاءت إلى فراشه فحادثَتْه، فجامعها، فلمَّا فرغ منها سقطَ وجفَّ نصفُه (?)، وجاء طبيبه فقال: أعطني يدك أيّها الأمير، فاعطاه اليسرى؛ لأن اليمين كانت قد يبِست. فقال: يا مولانا، اليمين. فقال له: ما تركت اليمينُ لي يمينًا. يعني التي حلفها لأولاد بَكْجُور.
وعهِدَ إلى ولده أبي الفضائل، ووصَّى لؤلؤًا الكبيرَ به وبأبي الهيجاء ولدِه الآخر، ومات بحلب في رمضان، وحُمِلَ تابوتُه إلى الرقة، فدُفن بظاهرها في المشهد، ورجعت العساكر إلى حلب.
ابن محمد بن محمد بن عبيد الله بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، أبو الفضل الزهري، ولد سنة تسعين ومئتين، وسمع خلقًا كثيرًا، وليس بينه وبين عبد الرحمن - رضي الله عنه - إلا مَنْ روى الحديث عنه، وكانت وفاتُه في ربيع الآخر ببغداد، وأجمعوا على صلاحه وصدقه وثقته.
ابن معروف، أبو محمد، القاضي، ولد سنة ست وثلاث مئة، وولي القضاء من الجانبين ببغداد، وكانت له منزلةٌ عاليةٌ من الخلفاء والملوك، خصوصًا من الطائع،