شرفُ الخلافةِ يا بني العباسِ ... اليومَ جدَّده أبو العباسِ
ذا الطَّودِ بقَّاهُ الزمانُ ذخيرةً ... من ذلكَ الجبلِ العظيمِ الرَّاسي
من أبيات، وهي لأبي الحسن محمد بن أبي أحمد (?).
وبعث إليه بهاءُ الدولة ببعض الفُرش والآلات التي أخذها من دار الخلافة، وكان مُقامُه بالبَطيحة منذُ حصَلَ بها إلى اليوم الَّذي خرج منها سنتين وأحد عشر شهرًا، ولمَّا دخل دارَ الخلافة وجدها خاويةً على عروشها خرابًا، فساءه ذلك، ولم يبقَ بها سقفٌ يأوي إليه.
[وفيها كانت خلافة القادر بالله، واسمه] أحمد بن إسحاق بن المُقتَدِر، ويكنى أبا العباس، وهو ابن عمِّ الطائع، وأمُّه أم ولد يقال لها: تُمنى -وقيل: قطر الندى، وقيل: غزال- مولاة عبد الواحد بن المقتدر، وكانت من أهل الخير والصدقات، ومولده يوم الثلاثاء تاسع ربيع الأول، سنة ست وثلاثين [وثلاث مئة]، وكانت بيعتُه بالخلافة في رمضان [من] هذه السنة [على ما جرت العادة] وحلف له بهاء الدولة، وكان القادر بالله أبيضَ، حسنَ الوجه، كذ اللحية، قد وخَطَه (?) الشيب، وكان يخضِبُ، وسُلِّم إليه الطائع فحبسه، فعاش محبوسًا إلى سنة ثلاث وتسعين وثلاث مئة.
وقيل: إنما سُلِّم إليه في سنة اثنتين وثمانين [وثلاث مئة]، وسنذكره إن شاء الله.
واستكتَب له بهاءُ الدولة أبا الفضل محمد بن أحمد عارض الدَّيلم، وجَعَل أستاذَ الدار عبدَ الواحد بن الحسين الشيرازي، وخُطب للقادر وبهاء الدولة على المنابر، وأضاف (?) إلى ألقابه: غياث (?) الأمة، ونقل بهاء الدولة أختَه زوجةَ الطائع إلى دار بمَشْرَعة الصخر، وأقام لها بما تحتاج إليه، وأقطعها إقطاعًا إلى أن توفِّيت.