وكان شُجاعًا، مَهيبًا، عاقلًا، ثَبْتًا، كثيرَ الفضل، شديدَ التَّيَقُّظ، بعيدَ الهِمَّة، مُحِبًّا للفضائل، مُتجَنِّبًا للرَّذائل، ناظرًا في أمور الرعيَّةِ.
وكانت الأخبارُ تأتيه من بغداد إلى شِيراز في سبعة أيام، وتُجْلَب إليه الفواكه الطَّريَّة.
وكان مُحافظًا على صلاته؛ فكان يُباكر الحمَّام، فإذا خرج منه أدَّى فرضَ الصلاة، ويَدخل إليه خواصُّه ووزيره أبو القاسم مُطهّر بن عبد الله، فيجلس بين يديه، ويَعرض عليه الأمور، ويستأذنه في كلِّ أمرٍ بما يراه، ثم يحضر أرباب الدَّواوين على باب قصره كما جرت به العادة يَقضون الأشغال، وإذا حضر وقتُ الطعام أكل وطبيبُه قائمٌ على رأسه يُعَرِّفه منافعَ الألوان ومضارَّها، ثم يغسل يده وينام، ثم ينتبه فيتوضّأ للصلاة ويصلي الظهر، ثم يحضر ندماؤه، وهو ينظر في القصص، ويقضي الأشغال صدرًا من الليل، ثم ينام وينتبه وقتَ الفجر فيدخل الحمام، فهذا دَأبُه، وإن كان يومُ مَوكبٍ دخل عليه النَّاس على طبقاتهم.
ومن اهتمامه بأمور الرعية مالت نَفسُه إلى جارية، فشغَلَتْه عن النَّظَر في الأمور، فغَرَّقَها، وأخذ غلامٌ من رجل بِطِّيخة فقتله.
وكان يحب العلم والعلماء، ويجري الرسوم على الفقهاء والقرَّاء والأدباء، ووُجد في تذكرته بعد موته: إذا فَرَغْنا من حل إقليدس تصدَّقْتُ بعشرين أَلْف درهم، وإذا فرغنا من كتاب أبي علي النَّحْوي تصدَّقتُ بخمسة آلاف درهم (?)، وكلُّ ابن يولد لي أتصدَّق بعشرة آلاف درهم، وإن كان من فلانة فبخمسين ألفًا، ولكل بنت بخمسة آلاف درهم.
وكان يؤثر مجالسةَ الأدباء على مجالسة الأمراء، واجتمع له من الفضلاء والأدباء ما لم يجتمع لغيره إلَّا للمأمون وسيف الدولة بن حمدان؛ كان في أيامه: الصَّاحبُ بن عَبَّاد، وأبو إسحاق الصابئ والمتنبي، وابن نُباتة، والشَّريف الرَّضي، وأخوه المرتضى، وأبو علي الفارسيّ، وابن خالويه، والبَديع صاحب "المقامات"، ومن الزهَّاد ابن سمعون (?) وغيرهم.