وقويت الشَّناعات على الشِّيرازي، واجتمع جماعةٌ إلى سبكتكين وقالوا: هذا عدوُّك، وهذا وقتُك، وأشاروا بأبي طاهر محمد بن بَقيَّة -ولم يكن من بيت الوزارة- فأجابهم إلى ذلك (?).
[شرح حال ابن بقية قبل وزارته:
قال ابن الصابئ: ] كان ابن بقية أحدَ أربعة أخوة من أهل أَوانا، وكلهم يُسمَّى محمدًا، وكان أبوهم أحد المُزارعين، ويسمَّى محمدًا أيضًا [، وبقيّة جدهم، وإنما نسبوا إليه اختصارًا].
وخدم محمدًا وكنيته أبو الحسن أخو أبي طاهر (?). وكان أوجه أولاد بقية محمد بن جعفر الأصبهاني، ويلقب بنَمْلة (?).
وكان صاحبَ مطبخ معزّ الدولة، وكان ضامنَ تكريت وأعمالها، وتدرَّج أبو الحسن محمد بن بقية معه من حال إلى حال حتى استعمله على ذلك كله، واستخلف أبو الحسن محمد أخاه أبا طاهر في المطبخ، وفسد حال مهله (?) عند معز الدولة، ولحقته علَّةٌ منعته من الخدمة، فضمن أبو طاهر تلك الأعمال، وترقَّى قليلًا قليلًا حتى مات معزُّ الدولة وولي عزُّ الدولة، فأقام على المطبخ إلى يوم ولي الوزارة.
وكان يقدِّم لعزّ الدولة الطعامَ بنفسه، ويذوق الألوان لونًا لونًا، فلما وَزَر شرع يفعل ذلك، فنهاه عزُّ الدولة، فقال الناس: انتقل ابن بقية من الغضارة إلى الوزارة.
وكان ابن بقيّة كريمًا يُغطِّي كرمُه عيوبَه، وزر أربع سنين وأيامًا، وكان واسعَ النَّفس، وكانت وظيفته من الثَّلج في كل يوم ألف رطل، وراتبه من الشَّمْع في كل شهر ألفا رطل، ثم آل أمره إلى أن سمَله عَضُد الدولة، وصَلَبه وهو ابن نيِّفٍ وخمسين سنة -وسنذكره في ترجمته- وقيل: إنما سَمَله عزُّ الدولة (?).