فانتزعه ورمى به، وكان مع خماجور أسودان فبادرا إليه، فحَزَّ أحدهما رأسه، فانتزعه خادمٌ منه ومضى به يريد المقتدر.
وكان الرجال قد حملوا المقتدرَ على أعناقهم من دار مؤنس إلى قصر الخلافة، فلما دخل قال: ما فعل أبو الهيجاء؟ قيل: هو في دار الأبرجة (?) في بيت البهاج، فقال: عليَّ بدَواة وبَيضاء لأكتبَ له أمانًا قبل أن يَحدثَ به حادث، فأبطؤوا عليه، وجاء الخادم برأسه إلى المقتدر فقال: مَن قتله؟ قالوا: لا ندري.
فاسترجع المقتدرُ وجعل يُكرِّرها ويقول: ما كان يدخلُ عليَّ في دار مؤنس في هذه الأيام ويُسلِّيني سواه، هذا مع ما لأهله علينا من الحقوق السَّالفة، وظهر عليه من الكآبة أمرٌ عظيم، فبينا هو على ذلك سمع ضجَّةً عظيمة، وجاءه خادمٌ يعدو فقال: هذا محمَّد قد أُخذ يعني القاهر.
وجيء به فأُجلس بين يديه، فاستدناه وقبَّل جَبينه وقال له: يَا أخي، أَنْتَ والله لا ذنبَ لك، قد علمتُ أنَّك قُهرتَ على أمرك، والقاهر يبكي ويقول: اللهَ اللهَ يَا أمير المُؤْمنين في نفسي، فقال: والله وحقِّ رسوله لا جَرى عليك منِّي سوة أبدًا، ولا وصل إليك أحدٌ بمكروه وأنا حيٌّ، فطِبْ نفسًا ولا تجزع، والليلةَ أُوصلكَ إلى منزلك.
وكان الرَّجالة لما انتهوا إلى مؤنس وصاحوا قال مؤنس: ما الذي تُريدون؟ قالوا: الخليفةَ، فقال: سلِّموه إليهم، فحملوه إلى داره، وأُخرجَ رأسُ نازوك ورأسُ أبي الهيجاء، وشُهِرا في شوارع بغداد، ونُودي عليهما: هذا جزاء مَن عصى مولاه وكَفر نعمتَه.
وسكن الهَيْج، وعاد أبو علي بن مُقلة إلى وزارته، وكتب كتابًا عن المقتدر برجوعه إلى الخلافة إلى أهل المشرق والمغرب.
وقال الصولي: سعى مؤنس ونازوك في خلع المقتدر، ثم عاد مؤنس إلى نُصرته والذبِّ عنه لأنَّه استماله، واستمال نازوكًا فلم يرجع، وعزم على الفَتْك بالمقتدر، وجاء في الفُرسان والرَّجَّالة، وقصد دار الخليفة فنَهبها، وهتَك الحَريم، ومَحا رُسومَ