فصل
إذا ثبت هذا فنقول: مذهب جملة المسلمين أن الله تعالى كان ولم يكن معه شيء، وأنه أحدث العالم على غير مثال، ومذهب الأوائل: أنَّ العالم قديم، وأن الفلكَ لم يزل دائرًا بشمسه وقمره.
وقال قومٌ من الفلاسفة بقدم العناصر والهيولى الذي هو أصل العالم؛ وقال أصحاب الرَّصَد بأنَّ الأفلاك والنجوم تدبر أمر العالم. ونحن نرى أثر العجز عليها ظاهرًا: أما النجوم فبالخسوف والكسوف والانتقال، وأما الأفلاكُ فبالدوران، وهذا آية القهر، [فالصانع قاهر] (?)، وصانع العالم واحد.
وقالت المجوس: هما اثنان النور والظلمة، فالنور يقال له: يَزْدان، والظلمة: أهْرِمَن. وهذا شيء اخترعوه من غير أصل، وبطلان قولهم ظاهر، إذ لو كانا اثنين لجاز أن يكون أحدهما مريدًا لحركته والآخر مريدًا لسكونه، فحصلا معًا متضادين ولا يجوز؛ وإلى هذا وقعت الإشارة بقوله تعالى: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إلا اللَّهُ لَفَسَدَتَا} [الأنبياء: 22].
وروينا عن شقيق البلخيّ (?) رحمه الله أنه قال: قرأت أربعة وعشرين كتابًا في التوحيد فوجدت معانيها كلها في قوله تعالى: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إلا اللَّهُ لَفَسَدَتَا}.
فصل (?)
ولا يجوز أن يكون له ولد لوجوه:
أحدها: أنه لو كان له ولد لاستأثر الأشياءَ كلها لولده فتتعطَّل مصالحُ عباده.
والثاني: أن الولدَ نتيجةُ الشهوة، والله تعالى منزَّهٌ عن ذلك.
والثالث: لأن الولد بعضُ الوالد، والله منزَّه عن البعضية.
* * *