جعفر قد خرجا، فقام النَّاس لهما، ودنا العبَّاس بن الحسن (?) بن أبي أَحْمد إليهما فقبَّل يديهما، ومات القاسم في بقيَّة اليوم، وخُوطب العبَّاس بالوزارة بإشارة القاسم، فخرج الولدان جميعًا فقبَّلا يده، وكان مَغَلُّ القاسم في كلِّ سنة سبع مئة أَلْف دينار.
ولما مات فرح النَّاس بموته، وأظهروا الشَّماتة به، فقال [عبد الله بن] الحسن بن سعد (?): [من المتقارب]
شَرِبْنا عشيَّةَ مات الوزيرُ ... ونَشربُ يَا قوم في ثالثِهْ
فلا قدَّس الله تلك العظامَ ... ولا باركَ الله في وارثِه
وكان القاسم قد مرض في رمضان، ودام مرضه، فاستخلف ابن أخيه عبد الوهَّاب بن الحسن بن عُبيد الله، فكان يدخل على المكتفي، فاعترض يومًا عليه، فلمَّا خرج من عنده تمثَّل المكتفي: [من الطَّويل]
ولَمَّا أبي إلَّا جماحًا فؤادُهُ ... ولم يسْلُ عن ليلى بمالٍ ولا أهلِ
تسَلَّى بأُخرى غيرِها فإذا الذي ... تسَلَّى بها تُغري بلَيلى ولا تُسلي (?)
ابن البراء بن المُبارك، أبو الحسن، العَبْديُّ.
كان فاضلًا، سمع عليَّ بن المدينيّ وطبقتَه، وروى عنه المَحامليُّ وأقرانُه، وكانت وفاته ببغداد.
جرى بينه وبين القاضي إسماعيل بن إسحاق شيءٌ، فعزم إسماعيلُ على الرُّكوب إليه، فبادره العبديُّ وأنشد: [من الطَّويل]
صَفَحتُ ابنَ عمِّي فيك (?) صَفْحَ ضَرورةٍ ... إليكَ وفي قلبي نُدُوبٌ من العَتْبِ