سافر إلى خُراسان، والعراقَين، والحجاز، والشَّام، ومصر، [وكتب بهراة قبل أن يخرج إلى العراق، وكتب بالرّيّ أيضًا]، وقدم بغداد غير مرَّة، وروى بها كتاب "السُّنن"، ونقله عنه أهلُها، وعرضه على الإمام أحمد بن حنبل رحمة الله عليه فاستحسنه.
وكان [حاذقًا]، عارفًا بعِلَلِ الحديث، ذا عَفافٍ ووَرع، وكان يُشبَّه بالإمام أحمد [بن حنبل] رحمه الله، وكان الإمام أحمد يُثني عليه [خيرًا].
وكان لأبي داود كُمٌّ واسع وكُمٌّ ضيِّق، فقيل له في ذلك فقال: الواسع للكتب، والآخر لا أحتاج إليه.
[وحكى الخطيب عن أبي داود] قال: كتبتُ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خمس مئة ألف حديث، انتخبتُ منها ما ضمَّنتُه كتابَ "السُّنن" أربعة آلاف وثمان مئة حديث، ذكرتُ الصَّحيحَ وما يُشبهه ويُقاربه، ويكفي الإنسانَ لدينه من ذلك أربعةُ أحاديث:
أحدها: قوله - صلى الله عليه وسلم -: "الأعمال بالنيات" (?).
والثاني: قوله - صلى الله عليه وسلم -: "من حُسنِ إسلام المَرْء تَركُه ما لا يَعنيه" (?).
والثالث: قوله - عليه السلام -: "لا يكون المؤمن مؤمنًا حتَّى يرضى لأخيه ما يرضى لنفسه" (?).
والرابع: قوله عليه الصلاة والسلام: "الحلالُ بَيِّنٌ، والحرام بيِّن، وبينهما [أمور] مُتَشابهات [أو مشتبهات] (?).
قال المصنِّف رحمه الله (?): ولو أخرج الخامس كان أبلغ وهو قوله عليه [الصَّلاة]