أربعين ومئتين، [وكذا ذكر الخطيب، وقيل: إنَّ أحمد ولد في سنة أربعة عشر ومئتين، ومات أبوه] (?) في سنة ثلاثين ومئتين، والأوَّل أصحّ، وفوِّض إليه ما كان إلى أبيه، ولمَّا ترعرع خطب إلى يارجوخ بنت عمٍّ له تُعرف بخاتون، فزوَّجه إيَّاها، فوَلَدت له العبَّاس [بن أحمد في] سنة اثنتين وأربعين ومئتين.
ذكر طرف من أخباره:
[حكى ابن عيسى اللؤلؤي وقال: ] كان ظاهر النَّجابة من صغره، ونشأ بعيدَ الهِمَّة، على طريقة مستقيمة ومذهبٍ جميل، وطلبَ العلم في صغره، وسمع الحديث، وقرأ القرآن، وكان حسنَ الصوت، يَدرس القرآنَ كثيرًا (?).
وكان يقول: ينبغي للرَّئيس أن يَجعل اقتصادَه على نفسه، وسَماحتَه على مَن يَقصُده ويشتمل عليه؛ فإنَّه يملكهم ملكًا لا يزول به عن قلوبهم.
ونشأ أحمد في العِفَّة والصَّلاح والدِّين والجود، حتَّى صار له في الدُّنيا ذكر جميل (?)، وكان شديدَ الإِزْراء على التُّرك وأولادِهم؛ لما يرتكبونه من أمر الخلفاء، غير راضٍ بذلك، ويستقلُّ عقولهم، ويقول: [إنَّ] حرمة الدِّين عندهم مَهتوكة، وكانوا يَهابونه ويتَّقونه على الأموال (?) ويحبُّونه.
وقال الخاقانيُّ وكان خَصِيصًا بابن طولون: قال لي يومًا: يا أخي، كم نُقيم [على] هذا الإثم مع هؤلاء الموالي -يعني الأتراك- لا نَطأ مَوطئًا إلا كُتب علينا الخطأ والإثم؟ وكان يستصغر عقولهم ويقول: يَسْمُون (?) إلى ما لا يستحقُّونه من المراتب، والصَّواب أن نسأل الوزير أن يكتب بأرزاقنا إلى الثَّغر، فسأله، فكتب له، فخرجْنا إلى طَرَسوس، فلمَّا رأى ما النَّاسُ عليه من الأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر سُرَّ بذلك،