و [قال ابنُ عساكر: ] بنى بدمشقَ خانًا بالخوَّاصين، وكتب على بابه: مئةُ سنةٍ وسنةٍ، فعاش بعد ذلك مئة يومٍ ويوم، [والله العالم بما في الغيب] (?).
[وفيها توفي]
واسمه عُبيد (?) الله بنُ عبد الكريم بنِ يزيد بنِ فَرُّوخ، مولى (?) عيَّاشِ بن مُطَرِّف القُرشيُّ، وُلدَ سنة مئتين بالرَّيِّ، وكان إمامًا، حافظًا، مُتقنًا، صَدوقًا، [وكان] من كبار الحفاظ، وسادات أهل التَّقوى.
[وذكره الخطيب (?) فقال: هو] أحدُ الأئمَّة المشهورين الرَّاحلين لطلب العلم، [وقال: ] (?) قدم بغدادَ غيرَ مرَّة، وحدَّث بها، وجالس الإمامَ أحمدَ بن حنبل رحمة الله عليه، وكان الإمامُ أحمد يحبُّه ويُثني عليه، ويقدِّم الجلوسَ معه على النَّوافل.
وقال عبدُ الله بنُ أحمد: لما ورد أبو زرعةَ بغداد نزل علينا، فقال لي أبي: يا عبد الله، قد اعتَضْتُ بنوافلي مُذاكرةَ هذا الشَّيخ، وفي رواية: ما صلَّيتُ اليوم غيرَ الفرض، استأثرتُ بمذاكرته على نوافلي. وما جاوز الجسرَ أحفظُ منه.
وقال محمَّدُ بنُ مسلمِ بنِ وَارةَ: كنتُ عند إسحاقَ بن إبراهيم بنيسابور، فقال رجلٌ من أهل العراق: سمعتُ الإمامَ أحمدَ بنَ حنبل يقول: صحَّ من الحديث سبعُ مئة ألف حديثٍ وكسور، وهذا الفتى -يعني أبا زرعةَ- قد حفظ ستَّ مئة ألف حديث، فقيل للإمام أحمد: مِنْ أين لك هذا؟ فقال: ذاكَرْتُه الأبوابَ. قال البيهقيُّ: معنى قولِ أحمدَ أنَّه يحفظ ستَّ مئة ألف حديث؛ فإنَّما أراد ما صحَّ من الحديث وأقاويلِ الصَّحابة وفتاويهم، لا مجرَّدَ الأحاديثِ المرفوعة.