فأدخلت يديَّ في أكمام مرقعتي، وقلت: أرمي بها وأشدُّ الزُّنَّار، ولم يبقَ إلَّا أن أُخرِجَ رأسي من مرقعتي، فهتف بي الهاتف: لا يا أبا يزيد، ما وصلَ الحالُ إلى هذا، وإنَّما نحن نَعْلَمُ أنَّك تحبُّنا، فنتدلَّلَ عليك. وأنشدوا في هذا المعنى: [من البسيط]
قالت لطيفِ خيالٍ زارَها ومَضى ... بالله صفهُ ولا تنقص ولا تزدِ
فقال خلَّفته لو ماتَ من عطشٍ ... وقلت قفْ عن ورودِ الماء لم يردِ
قالت صدقتَ الوفا في الحبِّ عادتُه ... يا بردَ ذاك الذي قالت على كبدِي
ذكر وفاته:
[قالت علماء السير: توفِّي أبو يزيد في هذه السنة ببِسْطَام] (?) وقبره ظاهرٌ يزار.
[قال أبو نُعيم: ] وإذا أجدبُوا استسقَوا به فسُقُوا.
وكان له يوم مات ثلاثةٌ وسبعون سنة.
وقد أسندَ الحديث (?)، وأخرجَ له أبو نُعيم حديثًا واحدًا (?)، وأخرج له غيره أحاديث (?)، واشتغَل بحاله عن رواية الحديث رحمة الله عليه ورضوانه.
فصل: قال المصنِّفُ رحمه الله: وقد نقلتُ عنه ألفاظًا من باب الشطح والدعاوى، والجوابُ مختصر؛ وهو أن للمشايخ أحوالًا، حالُ قبض وبسط، وفناء وبقاء، وقد يطرأُ على الإنسان أحوالٌ فتغيِّبه عن الموجودات.
وقيل للجنيد: قد قال أبو يزيد: سبحاني! فقال: الرجل مستهلَكٌ في شهود الجلال، أذهلَه الحقُّ عن رؤية ما سواه، فوصفَه بما لا يليقُ إلَّا به سبحانه (?). وفي الحديث: لو رأيتموهم لقلتم مجانين، ولو رأوكم لقالوا: ما آمنوا ... (?) وفصلُ