وسئل عن المحبَّة فقال: استقلالُ الكثير من نفسِك، واستكثارُ القليل من حبيبِك (?).
وقال أبو موسى الديلمي (?): سألت عبد الرَّحمن بن يحيى عن التوكُّل، فقال: لو أدخلتَ يدَك في فم التنين، حتى تبلغَ إلى الرسغ، لا تخافُ غير الله، قال: فخرجتُ إلى أبي يزيد لأسأله عن التوكُّل، فطرقتُ عليه الباب، فقال: قد كان لك في جواب عبد الرَّحمن كفاية، فقلت: افتح، فقال: ما أتيتني زائرًا، وقد أتاكَ الجوابُ من وراء الباب، ولم يفتح لي، [قال: ] فغبتُ عنه سنةً ثمَّ أتيتُه، فطرقتُ عليه الباب، فقال: مرحبًا، الآن أتيتَ زائرًا، وفتحَ لي، فأقمتُ عنده شهرًا لا يخطرُ بقلبي شيءٌ إلَّا أخبرني به، فقلت له عند وداعي إياه: أفدني فائدة، فقال: أخبرتني أمِّي أنَّها كانت حاملًا بي، فكانت إذا قُدِّم إليها طعام فيه شبهةٌ انقبضت يدُها عنه.
[فإن قيل: فهذا الجوابُ لا يطابقُ السُّؤال، قلت: هذا جوابٌ عن إخبار أبي يزيد عمَّا كان يخطرُ له، فإنَّ من منعَ الله أمَّه وهي حاملٌ به عن تناول الحرام، لا يبعدُ منه أن يتكلَّم عن الخواطر والأوهام.
وقال في "المناقب": كتب يحيى بنُ معاذ إلى أبي يزيد: ] (?) سكرتُ من كثرة ما شربت من كأس محبَّته، فكتب إليه أبو يزيد: غيرُك شربَ بحار السماوات والأرض وما روي بعدُ، ولسانُه خارجٌ على صدره، وهو يصيح: العطش العطش، وأنشد [في ذلك: ] [من الوافر]
عجبتُ لمن يقول ذكرتُ ربِّي ... وهل أنسى فأذكر ما نسيتُ
شربتُ الحبَّ كأسًا بعد كأس ... فما نَفِدَ الشرابُ ولا رويتُ (?)
وقال: إنَّ لله عبادًا لو احتجبَ عنهم في الدنيا أو في الجنَّة لحظةً، لاستغاثوا كما يستغيثُ أهل النار [في النار].