[قال: وقيل له: لم لا تسافر؟ فقال: لأنَّ صاحبي مقيم، فقيل له: إنَّ الماء الراكدَ يُكرهُ الوضوءُ منه، فقال: لم يَرَوا بماءِ البحر بأسًا، "هو الطَّهور ماؤه والحلُّ مَيتَتُهُ". ثم قال: نرى للأنهار دَويًّا وخَرِيرًا، فإذا دَنت من البحر وامتزجَت، سكنت وذهب خريرُها (?).
وحكى أبو نُعيم عنه قال: ] طلقَّتُ الدنيا ثلاثًا بتاتًا، لا رجعة لي فيها، وصرتُ إلى ربِّي وحدي، فناديتُه بالاستغاثة: أدعوك دعاءَ من لم يبق له غيرُك، فلمَّا عرفَ صدق الدعاءِ من قلبي، واليأس من نفسي، كان أول ما ورد [عليَّ] من إجابة دعائي أنَّه أنساني نفسي بالكليَّة، ونصبَ لي الخلق بين يديّ مع إعراضي عنهم بالكليَّة (?).
وقال: دعوت نفسي إلى الله، فاستعصت [عليَّ]، فتركتُها ومضيتُ إليه.
[وحكى عنه ابن باكويه أنَّه قال: ] (?) كلُّ الناس يخافون من الحساب، ويتجافون عنه، وأنا أسأل الله أن يحاسبني، قيل له: ولم؟ قال: لعلَّه أن يقول لي فيما بين ذلك: يا عبدي، فأقول: لبيك، ثمَّ ليفعل بي ما يشاءُ بعد ذلك (?).
[قال: ] وقال له رجلٌ: دُلَّني على عملٍ أتقرَّبُ به إلى الله، فقال: تحبَّب إلى أوليائه ليحبُّوك، فإنَّه ينظرُ إلى قلوب أوليائه، فلعلَّه أن ينظرَ إلى اسمك في قلب وليِّه فيحبَّك، فيغفر لك.
[وحكى عنه ابن باكويه قال: ] (?) عُرِجَ بقلبي إلى السماء، فطاف وعاد، قيل له: بأيِّ شيء عاد؟ قال: بالمحبة والرضا.
[وحكى عنه ابن جهضم أنَّه قال: ] (?) نظرتُ، فإذا الناسُ يتلذَّذونَ في الدنيا بالطعام