فيها تراجعَ الناسُ إلى الموفَّق وهو بواسط، وجاءته الأمداد والخزائن، وهيَّأ المعابر والسفنَ ليدخل إلى الخبيث، وكان الخبيثُ قد نزل البَطِيحة، وشقَّ حولَه الأنهار، وتحصَّن بها، فهجم عليه الموفَّقُ فقتَل من أصحابه مقتلةً عظيمة، وأحرق أكواخَه، واستنقذ من النساء جمعًا كثيرًا، ووقعَ الوباءُ في عسكرِ الموفق، فرحل إلى بغداد، واستخلف على قتال الخبيث محمد بن المولَّد، فقصد الخبيثُ الأهوازَ، فقتل خمسينَ ألفًا، وسبَى مثلهم، فجهَّز إليه المعتمد موسى بن بُغَا، فلمَّا خرجَ من سامرَّاء خلع عليه المعتمدُ، وطوَّقه، وخرجَ مشيِّعًا له، فجرت بينه وبين الخبيث حروبٌ يطول ذكرها (?).
وفيها ولد عبيد الله الملقَّب بالمهدي، جدّ الخلفاء المصريين.
وفيها قتل كنجور، وكان على الكوفة، فانصرفَ عنها يريدُ سامرَّاء بغير إذن المعتمد، فأرسلَ إليه يأمرُه بالرجوعِ فأبى، فبعثَ إليه بمالٍ ليفرِّقَه في أصحابه، فلم يقنع، وكان له في المعتمد نية رديئة، فجهَّز إليه المعتمدُ جماعةَ من القوَّاد منهم ساتكين، وعبد الرحمن بن مُفْلِح، وموسى بن أتامش، فالتقوه، فأنزلُوه من فرسه فذبحوه، وحملُوا رأسَه إلى سُرَّ من رأى (?).
وفيها استولى يعقوب بن الليث على بَلْخ وهرَاة وبُوشَنج وبَاذَغِيس، مضافًا إلى ما كان بيده من سجِستان (?).