العالم، فاسمعوا منه، فأقبلوا على السماع منه حتى ظهرَ الخللُ في مجالس محمد بن يحيى، فقال لهم: قد بلغني أنه يقول: لفظي بالقرآن مخلوق، فامتحنُوه، فقامَ إليه رجلٌ من المحدِّثين فقال: يا أبا عبد الله، ما تقول في اللفظ بالقرآن، مخلوقٌ أو غير مخلوق؟ فقال البخاريُّ: كلامُ الله غير مخلوفٍ، وأفعالُ العِباد مخلوقة (?)، قال الله تعالى: {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} (?)، فحركاتهم وأصواتُهم وكتابتهم مخلوقة، فصرَّح بأنَّ اللفظَ بالقرآن مخلوق (?)، فشغبوا به وهجروه.
وبلغ محمد بن يحيى فقال: من قال: لفظي بالقرآن مخلوق. فقد ابتدع، ولا يجالسُ ولا يُكَلَّم، ومن ذهب إلى البخاري بعدَ هذا فاتَّهموه، فإنّه لا يحضرُ مجلسَه إلا من هو على مثل هذا (?).
فخرج البخاريُّ إلى بُخارى، وترك نَيسابور، فلمَّا دخلَ بُخارى، أرسلَ إليه أميرُها خالد بن أحمد الذهلي: احمل إلينا "الجامع" و"التاريخ" وغيرهما (?) لنسمعَها عليك، فقال البخاريُّ لرسوله: أنا لا أذلُّ العلم وأحملُه إلى أبواب الناس، فإنْ أرادَ السماع فليحضر إلى مسجدي، وإن لم يعجبه فيمنعني من الحديث؛ ليكون في عذرٌ عند الله يوم القيامة، فكان ذلك سببًا للوحشة بينهما، فاحتال عليه الوالي حتَّى أخرجَه من بُخَارى، فنزل قريةً من قرى سمرقند يقال لها: خَزتَنْك، على فرسخين منها، وله أقارب بها.